" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ قال يا موسى إِنِّي اصطفيتك عَلَى الناس ﴾.
الاصطفاء : استخلاص الصَّفْوَةِ أي : اخترتك واتَّخذتك صفوة على النَّاس.
قال ابنُ عبَّاسٍ :" فَضَّتْتُكَ على النَّاسِ ".
قرأ ابن كثير، وأبو عمرو إنِّيَ بفتح الياء، وكذلك ﴿ أَخِي اشدد ﴾ [ طه : ٣٠، ٣١ ].
قوله برسالاتي أي : بسبب.
وقرأ الحرميَّان : برِسالتِي بالإفراد، والمُرادُ به المصدر، أي : بإرْسَالي إيَّاك، ويجوزُ أن يكون على حذفِ مضاف، أي : بتبليغ رسالتي.
والرِّسالةُ : نَفْسُ الشَّيء المرسل به إلى الغير.
وقرأ الباقون بالجمع اعتباراً بالأنواعِ، وقد تقدَّم ذلك في المائدةِ والأنعام.
قال القرطبيُّ : ومن جمع على أنه أرسل بضروب من الرسالةِ فاختلف أنواعها، فجمع المصدر لاختلاف أنواعه ؛ كقوله :﴿ إِنَّ أَنكَرَ الأصوات لَصَوْتُ الحمير ﴾ [ لقمان : ١٩ ] واختلاف المصوتين، ووحَّدَ في قوله : لصوتُ لما أراد به جنساً واحداً من الأصوات.
قوله :" وَبِكلامي " هي قراءة العامَّةِ، فيحتملُ أن يُرادَ به المصدرُ، أي : بتكليمي إيَّاكَ، كقوله :﴿ وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً ﴾ [ النساء : ١٦٤ ] وقوله :[ الطويل ]
٢٥٦٩ -......
تُكَلِّمنِي فيها شِفَاءٌ لِمَا بِيَا
أي : بتكليمي إيَّاهَا، ويحتملُ أن يراد به التَّوراة، وما أوحاه إليه من قولهم للقرآن " كلام الله " تسميةً للشيء بالمصدر.
وقدَّم الرِّسالةَ على الكلام ؛ لأنَّها أسبق، أو ليترقَّى إلى الأشرفِ، وكرَّر حرف الجرِّ، تنبيهاً على مغايرة الاصطفاء.


الصفحة التالية
Icon