وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ واتخذ قوم موسى من بعده ﴾
يعني من بعد انطلاق موسى إلى الجبل لمناجاة ربه :﴿ من حليهم ﴾ يعني التي استعاروها من قوم فرعون وذلك أن بني إسرائيل كان لهم عيد فاستعاروا من القبط الحلي ليتزينوا به في عيدهم فبقي عندهم إلى أن أهلك الله فرعون وقومه فبقي الحلي لبني إسرائيل ملكاً لهم فلذلك قال الله تعالى من حليهم فلما أبطأ موسى عليهم جمع السامري ذلك الحلي وكان رجلاً مطاعاً في بني إسرائيل فذلك قال تعالى : واتخذ قوم موسى.
والمتخذ هو واحد فنسب الفعل إلى الكل لأنه كان برضاهم فكأنهم أجمعوا عليه وكان السامري رجلاً صائغاً فصاغ لهم ﴿ عجلاً جسداً ﴾ يعني من ذلك الحلي وهو الذهب والفضة وألقى في ذلك العجل من تراب أثر فرس جبريل عليه السلام فتحول عجلاً جسداً لحماً ودماً ﴿ له خوار ﴾ هو صوت البقر وهذا معنى قول ابن عباس والحسن وقتادة وجمهور أهل التفسير وقيل كان جسداً لا روح فيه وكان يسمع منه صوت وقيل إن ذلك الصوت كان خفيق الريح وذلك أنه جعله مجوفاً ووضع في جوفه أنابيب على وضع مخصوص فإذا هبت الريح دخلت في تلك الأنابيب فيسمع لها صوت كصوت البقر.
والقول الأول : أصح لأنه كان يخور وقيل إنه خار مرة واحدة وقيل إنه كان يخور كثيراً وكلما خار سجدوا له وإذا سكت رفعوا رؤوسهم.
قال وهب كان يسمع منه الخوار ولا يتحرك.


الصفحة التالية
Icon