وقال أبو حيان :
﴿ واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار ﴾.
إن كان الاتخاذ بمعنى اتخاذه إلهاً معبوداً فصح نسبته إلى القوم وذكر أنهم كلهم عبدوه غير هارون ولذلك ﴿ قال : ربي اغفر لي ولأخي ﴾، وقيل إنما عبده قوم منهم لا جميعهم لقوله :﴿ ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق ﴾ وإن كان بمعنى العمل كقوله ﴿ كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً ﴾ أي عملت وصنعت فالمتخذ إنما هو السامري واسمه موسى بن ظفر من قرية تسمى سامرة ونسب ذلك إلى قوم موسى مجازاً كما قالوا بنو تميم قتلوا فلاناً وإنما قتله واحد منهم ولكونهم راضين بذلك ومعنى ﴿ من بعده ﴾ من بعد مضيه للمناجاة و﴿ من حليّهم ﴾ متعلق باتخذ وبها يتعلق من بعده وإن كانا حر في جرّ بلفظ واحد وجاز ذلك لاختلاف مدلوليهما لأنّ من الأولى لابتداء الغاية والثانية للتبعيض وأجاز أبو البقاء أن يكون ﴿ من حليهم ﴾ في موضع الحال فيتعلق بمحذوف لأنه لو تأخر لكان صفة أي ﴿ عجلاً ﴾ كائناً ﴿ من حليهم ﴾.


الصفحة التالية
Icon