وحكي عن أبي مروان بن سراج أحد أئمة اللغة بالأندلس أنه كان يقول : قول العرب سقط في يده مما أعياني معناه، وقال أبو عبيدة : يقال لمن ندم على أمر وعجز عنه سقط في يده، وقال الزجاج : معناه سقط الندم في أيديهم أي في قلوبهم وأنفسهم، كما يقال حصل في أيديهم مكروه وإن كان محالاً أن يكون في اليد تشبيهاً لما يحصل في القلب والنفس بما يحصل في اليد ويرى بالعين، وقال ابن عطيّة : العرب تقول لمن كان ساعياً لوجه أو طالباً غاية فعرض له ما صده عن وجهه ووقفه موقف العجز وتيقن أنه عاجز سقط في يد فلان وقد يعرض له الندم وقد لا يعرض، قال : والوجه الذي يصل بين هذه الألفاظ وبين المعنى الذي ذكرناه هو أن السعي أو الصّرف أو الدفاع سقط في يد المشار إليه فصار في يده لا يجاوزها ولا يكون له في الخارج أثر، وقال الزمخشري لما اشتد ندمهم وحسرتهم على عبادة العجل لأنّ من شأن من اشتد ندمه وحسرته أن يعضّ يده غمّاً فتصير يده مسقوطاً فيها لأن فاه قد وقع فيها وسقط مسند إلى ﴿ في أيديهم ﴾ وهو من باب الكناية انتهى، والصواب وسقط مسند إلى ما ﴿ في أيديهم ﴾ وحكى الواحدي عن بعضهم أنه مأخوذ من السقيط وهو ما يغشى الأرض بالغذوات شبه الثلج يقال : منه سقطت الأرض كما يقال : من الثلج ثلجت الأرض وثلجنا أي أصابنا الثلج ومعنى سقط في يده والسّقيط والسقط يذوب بأدنى حرارة ولا يبقى ومن وقع في يده السّقيط لم يحصل منه على شيء فصار مثلاً لكل من خسر في عاقبته ولم يحصل من بغيته على طائل وكانت الندامة آخر أمره، وقيل : من عادة النادم أن يطأطىء رأسه ويضع ذقنه على يده معتمداً عليها ويصبر على هيئتة لو نزعت يده لسقط على وجهه كان اليد مسقوطاً فيها ومعنى ﴿ في ﴾ على أي سقط على يده ومعنى ﴿ في أيديهم ﴾ أي على أيديهم كقوله ﴿ ولأصلبنكم في جذوع النخل ﴾ انتهى.


الصفحة التالية
Icon