سِلْبِيَّةٌ، وَبَيْنَهُمَا حَالٌ أُخْرَى وَهِيَ حَالُ مَنْ لَيْسَ فِيهِ مِنْ نُورِ الْبَصِيرَةِ وَزَكَاءِ النَّفْسِ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى سُلُوكِ الرُّشْدِ إِذَا رَآهُ لِضَعْفِ هِمَّتِهِ، وَلَكِنَّهُ يَكْرَهُ الْغَيَّ وَالْفَسَادَ وَإِذَا لَمْ يَصِلْ مِنِ اعْتِلَالِ الْفِطْرَةِ وَظُلْمَةِ الْبَصِيرَةِ إِلَى تَفْضِيلِهِ عَلَى الرُّشْدِ، وَإِيثَارِ سَبِيلِهِ وَاخْتِيَارِهَا لِنَفْسِهِ إِذَا رَآهَا، بِحَيْثُ لَا يَصْرِفُهُ عَنِ الْفَسَادِ إِلَّا جَهْلُ سَبِيلِهِ أَوِ الْعَجْزُ عَنْ سُلُوكِهَا.
فَمَنِ اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ أَوِ الصِّفَاتُ، فَهُوَ الَّذِي أَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ، وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةٌ، فَلَمْ تَبْقَ لَهُ سَبِيلٌ مِنْ أَسْبَابِ الْحَقِّ وَالرُّشْدِ يَسْلُكُهَا، وَقَدْ عَلَّلَ ذَلِكَ سُبْحَانَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ :