وقال أبو السعود :
﴿ والذين كَذَّبُواْ بآياتنا وَلِقَاء الآخرة ﴾
أي وبلقائهم الدارَ الآخرةَ أو لقائهم ما وعده الله تعالى في الآخرة من الجزاء ومحلُّ الموصولِ الرفعُ على الابتداء وقوله تعالى :﴿ حَبِطَتْ أعمالهم ﴾ خبرُه أي ظهر بُطلانُ أعمالِهم التي كانوا عمِلوها من صلة الأرحامِ وإغاثةِ الملهوفين ونحوِ ذلك، أو حبطت بعد ما كانت مرجُوَّةَ النفعِ على تقدير إيمانهم بها ﴿ هَلْ يُجْزَوْنَ ﴾ أي لا يُجزون ﴿ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ أي الإجزاءَ ما كانوا يعمَلونه من الكفر والمعاصي. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ ﴾
أي لقائهم الدار الآخرة على أنه من إضافة المصدر إلى المفعول وحذف الفاعل أو لقائهم ما وعده الله تعالى في الآخرة من الجزاء على أن الإضافة إلى الظرف على التوسع.
والمفعول مقدر كالفاعل ومحل الموصول في الاحتمالين الرفع على الابتداء، وقوله تعالى :﴿ حَبِطَتْ أعمالهم ﴾ خبره أي ظهر بطلان أعمالهم التي كانوا عملوها من صلة الأرحام وإغاثة الملهوفين بعدما كانت مرجوة النفع على تقدير إيمانهم بها، وحاصله أنهم لا ينتفعون بأعمالهم وإلا فهي أعراض لا تحبط حقيقة ﴿ هَلْ يُجْزَوْنَ ﴾ أي لا يجزون يوم القيامة.
﴿ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ أي إلا جزاء ما استمروا على عمله من الكفر والمعاصي وتقدير هذا المضاف لظهور أن المجزي ليس نفس العمل، وقيل : إن أعمالهم تظهر في صور ما يجزون به فلا حاجة إلى التقدير، وهذه الجملة مستأنفة، وقيل : هي الخبر والجملة السابقة في موضع الحال بإضمار قد، واحتجت الأشاعرة على ما قيل بهذه الآية على فساد قول أبي هاشم أن تارك الواجب يستحق العقاب وإن لم يصدر عنه فعل الضد لأنها دلت على أنه لا جزاء إلا على عمل وترك الواجب ليس به.
وأجاب أبو هاشم بأني لا أسمي ذلك العقاب جزاء، ورد بأن الجزاء ما يجزي أي يكفي في المنع عن المنهي عنه والحث على المأمور به والعقاب على ترك الواجب كاف في الزجر عن ذلك الترك فكان جزاء. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾