إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لِبَيَانِ مَا اسْتَحَقَّهُ الْقَوْمُ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى اتِّخَاذِ الْعِجْلِ، قَفَّى بِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ شَأْنِ مُوسَى مَعَ هَارُونَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - فِي أَمْرِهِمْ ؛ لِأَنَّ مَنْ سَمِعَ ذَاكَ أَوْ قَرَأَهُ تَسْتَشْرِفُ نَفْسُهُ لِمَعْرِفَةِ هَذَا، فَهُوَ إِذًا مِمَّا أَوْحَاهُ اللهُ - تَعَالَى - يَوْمَئِذٍ إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَالْمُرَادُ بِالْغَضَبِ الْإِلَهِيِّ فِيهِ : مَا اشْتَرَطَهُ تَعَالَى فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِمْ مِنْ قَتْلِ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ عَوْدَةِ مُوسَى إِلَى مُنَاجَاتِهِ فِي الْجَبَلِ. وَالذِّلَّةُ ؛ مَا يَشْعُرُونَ بِهِ مِنْ هَوَانِهِمْ عَلَى النَّاسِ وَظَنِّهِمْ عِنْدَ لِقَاءِ كُلِّ أَحَدٍ أَنَّهُ يَتَذَكَّرُ بِرُؤْيَتِهِمْ مَا كَانَ مِنْهُمْ فَيَحْتَقِرَهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ هَذِهِ الذِّلَّةَ خَاصَّةٌ بِالسَّامِرِيِّ، وَهِيَ
مَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَاجْتِنَابِ النَّاسِ بِقَوْلِ
مُوسَى لَهُ : فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ (٢٠ : ٩٧) أَيْ : لَا أَمَسُّ أَحَدًا وَلَا يَمَسُّنِي أَحَدٌ.


الصفحة التالية
Icon