فصل
قال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ واتخذ قَوْمُ موسى مِن بَعْدِهِ ﴾
أي من بعد خروجه إلى الطور ﴿ مِنْ حُلِيّهِمْ ﴾ متعلق ب ﴿ اتخذ ﴾ أو بمحذوف وقع حالاً، و ﴿ من ﴾ للتبعيض، أو للابتداء، أو للبيان.
والحلي جمع حلى.
وقرأ أهل المدينة وأهل البصرة ﴿ من حُلِّيهم ﴾ بضم الحاء وتشديد الياء.
وقرأ أهل الكوفة إلا عاصماً بكسر الحاء.
وقرأ يعقوب بفتح الحاء وتخفيف الياء.
قال النحاس : جمع حَلْيٍ وحُليٍ وحِلِى مثل ثدي وثدي وثدي، والأصل حلوى أدغمت الواو في الياء، فانكسرت اللام لمجاورتها الياء، وتكسر الحاء لكسرة اللام وضمها على الأصل.
وأضيفت الحلي إليهم وإن كانت لغيرهم ؛ لأن الإضافة تجوز لأدنى ملابسة، و ﴿ عِجْلاً ﴾ مفعول ﴿ اتخذ ﴾.
وقيل : هو بمعنى التصيير، فيتعدى إلى مفعولين ثانيهما محذوف : أي اتخذوا عجلاً إلهاً.
و﴿ جَسَداً ﴾ بدل من عجلاً.
وقيل وصف له.
والخوار الصياح.
يقال خار يخور خوراً إذا صاح.
وكذلك خار يخار خواراً.
ونسب اتخاذ العجل إلى القوم جميعاً، مع أنه اتخذه السامريّ وحده، لكونه واحداً منهم، وهم راضون بفعله.
روي أنه لما وعد موسى قومه ثلاثين ليلة فأبطأ عليهم في العشر المزيدة، قال السامري لبني إسرائيل وكان مطاعاً فيهم : إن معكم حلياً من حلي آل فرعون الذي استعرتموه منهم لتتزينوا به في العيد، وخرجتم وهو معكم، وقد أغرق الله أهله من القبط، فهاتوها، فدفعوها إليه، فاتخذ منها العجل المذكور.
قوله :﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلّمُهُمْ ﴾ الاستفهام للتقريع والتوبيخ، أي ألم يعتبروا بأن هذا الذي اتخذوه إلهاً لا يقدر على تكليمهم، فضلاً عن أن يقدر على جلب نفع لهم، أو دفع ضرّ عنهم.
﴿ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ﴾ أي طريقاً واضحة يسلكونها ﴿ اتخذوه وَكَانُواْ ظالمين ﴾ أي اتخذوه إلهاً ﴿ وَكَانُواْ ظالمين ﴾ لأنفسهم في اتخاذه، أو في كل شيء.
ومن جملة ذلك هذا الاتخاذ.