وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ ﴾
أي بقوا على اتخاذه واستمروا عليه كالسامري وأشياعه كما يفصح عنه كون الموصول الثاني عبارة عن التائبين فإن ذلك صريح في أن الموصول الأول عبارة عن المصرين ﴿ سَيَنَالُهُمْ ﴾ أي سيلحقهم ويصيبهم في الآخرة جزاء ذلك ﴿ غَضَبَ ﴾ عظيم لا يقادر قدره مستتبع لفنون العقوبات لعظم جريمتهم وقبح جريرتهم ﴿ مّن رَّبّهِمُ ﴾ أي مالكهم، والجار والمجرور متعلق بينالهم، أو بمحذوف وقع نعتاً لغضب مؤكداً لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية أي كائن من ربهم ﴿ وَذِلَّةٌ ﴾ عظيمة ﴿ وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم ﴾ وهي على ما أقول : الذلة التي عرتهم عند تحريق إلههم ونسفه في أليم نسفاً مع عدم القدرة على دفع ذلك عنه، وقيل : هي ذلة الاغتراب التي تضرب بها الأمثال والمسكنة المنتظمة لهم ولأولادهم جميعاً، والذلة التي اختص بها السامري من الانفراد عن الناس والابتلاء بلا مساس، وروي أن بقاياهم اليوم يقولون ذلك وإذا مس أحدهم أحد غيرهم حمجميعاً في الوقت، ولعل ما ذكرناه أولى والرواية لم نر لها أثراً، وإيراد ما نالهم بالسين للتغليب، وقيل : وإليه يشير كلام أبي العالية المراد بهم التائبون، وبالغضب ما أمروا به من قتل أنفسهم، وبالذلة إسلامهم أنفسهم لذلك واعترافهم بالضلال، واعتذر عن السين بأن ذلك حكاية عما أخبر الله تعالى به موسى عليه السلام حين أخبره بافتتان قومه واتخاذهم العجل فإنه قال له :﴿ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ ﴾ الخ فيكون سابقاً على الغضب، وجعل الكلام جواب سؤال مقدر وذلك أنه تعالى لما بين أن القوم ندموا على عبادتهم العجل بقوله سبحانه :﴿ وَلَمَّا سُقِطَ فَى أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ ﴾ [ الأعراف : ١٤٩ ] والندم توبة ولذلك عقبوه بقولهم :﴿ لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا ﴾ [ الأعراف : ١٤٩ ] وذكر عتاب موسى لأخيه عليهما السلام ثم استغفاره اتجه لسائل أن يقول : يا رب إلى ماذا يصير أمر القوم


الصفحة التالية