واعلم أن هذه الآية تدل على أن الأصل في المضار أن لا تكون مشروعة، لأن كل ما كان ضرراً كان إصراً وغلاً، وظاهر هذا النص يقتضي عدم المشروعية، وهذا نظير لقوله عليه الصلاة والسلام :" لا ضرر ولا ضرار " في الإسلام، ولقوله عليه الصلاة والسلام :" بعثت بالحنيفية السهلة السمحة " وهو أصل كبير في الشريعة.
واعلم أنه لما وصف محمداً عليه الصلاة والسلام بهذه الصفات التسع.
قال بعده :﴿فالذين ءامَنُواْ بِهِ﴾ قال ابن عباس : يعني من اليهود ﴿وَعَزَّرُوهُ﴾ يعني وقروه.
قال صاحب "الكشاف" : أصل التعزير المنع ومنه التعزير وهو الضرب، دون الحد، لأنه منع من معاودة القبيح.
ثم قال تعالى :﴿وَنَصَرُوهُ﴾ أي على عدوه ﴿واتبعوا النور الذى أُنزِلَ مَعَهُ﴾ وهو القرآن.
وقيل الهدى والبيان والرسالة.
وقيل الحق الذي بيانه في القلوب كبيان النور.
فإن قيل : كيف يمكن حمل النور ههنا على القرآن ؟ والقرآن ما أنزل مع محمد، وإنما أنزل مع جبريل.
قلنا : معناه إنه أنزل مع نبوته لأن نبوته ظهرت مع ظهور القرآن. (١)
ثم أنه تعالى لما ذكر هذه الصفات ﴿قَالَ أُوْلَئِكَ هُمُ المفلحون﴾ أي هم الفائزون بالمطلوب في الدنيا والآخرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٢٠ ـ ٢٢﴾
(١) عرفنا كيف أنزل القرآن لكن التعبير هنا ( أنزل معه ) فكيف أنزل الرسول ـ ﷺ ـ ؟
الذى أفهمه من الآية أن مقام رسول الله ـ ﷺ ـ فوق أفهامنا ومداركنا.
وهذه الآية قريبة من قوله تعالى فى سورة الطلاق ( فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (١٠) رَسُولًا ). والله أعلم.