وقال صاحب المنار فى الآيات السابقة :
﴿ وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾
بَيَّنَ تَعَالَى فِي الِاسْتِطْرَادِ الْخَاصِّ بِنُبُوَّةِ خَاتَمِ الرُّسُلِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كِتَابَةِ رَحْمَتِهِ لِلَّذِينِ يَتْبَعُونَهُ مِنْ قَوْمِ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَقَالَ فِي مُتَّبِعِيهِ : أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أَيْ : دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ، وَلَمْ يَتَّبِعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ بَعْدَ بَعْثَتِهِ وَبُلُوغِ دَعْوَتِهِ. وَذَلِكَ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْمُتَّبِعِينَ لِمُوسَى حَقَّ الِاتِّبَاعُ قَبْلَ بَعْثَتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى هُدًى وَحَقٍّ وَعَدْلٍ، وَأَنَّهُمْ مِنَ الْمُفْلِحِينَ، فَإِنَّ مَا أَفَادَتْهُ جُمْلَةُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ مِنَ الْحَصْرِ إِضَافِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ كَمَا
أَشَرْنَا إِلَيْهِ آنِفًا، وَبَيَّنَاهُ فِي تَفْسِيرِ تِلْكَ الْآيَةِ ; وَلِذَلِكَ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ فِي هَذَا الْآيَةِ حَالَ خَوَاصِّ أَتْبَاعِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِينَ كَانُوا مُتَّبِعِينَ لَهُ حَقَّ الِاتِّبَاعُ، عَاطِفًا إِيَّاهُمْ عَلَى الْمُهْتَدِينَ بِاتِّبَاعِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ :.