وقال الراغب : البؤس والبأس والبأساء الشدة والمكروه إلا أن البؤس في الفقرة والحرب أكثر والبأس والبأساء في النكاية، وقرأ أبو بكر ﴿ بيئس ﴾ على فيعل كضيغم وهو من الأوزان التي تكون في الصفات والأسماء، والياء إذا زيدت في المصدر هكذا تصيره اسما أو صفة كصقل وصيقل وعينه مفتوحة في الصحيح مكسورة في المعتل كسيد، ومن هنا قيل في قراءة عاصم في رواية عنه ﴿ بيئس ﴾ بكسر الهمزة إنها ضعيفة رواية ودراية ويخففها أن المهموز أخو المعتل، وقرأ ابن عامر ﴿ بالالقاب بِئْسَ ﴾ بكسر الباء وسكون الهمزة على أن أصله بئس بباء مفتوحة وهمزة مكسورة كحذر فسكن للتخفيف كما قالوا في كبد كبد وفي كلمة كلمة، وقرأ نافع ﴿ بيس ﴾ على قلب الهمزة ياء كما قلبت في ذيب لسكونها وانكسار ما قبلها، وقيل : إن هاتين القراءتين مخرجتان على أن أصل الكلمة بئس التي هي فعل دم جعلت اسماً كما في قيل وقال، والمعنى بعذاب مذموم مكروه، وقرىء ﴿ بيس ﴾ كريس وكيس على قلب الهمزة ياء ثم ادغامها في الياء، وقيل : على أنه من البؤس بالواو وأصله بيوس كميوت فأعل اعلاله و﴿ بيس ﴾ على التخفيف كهين و﴿ بائس ﴾ بزنة اسم الفاعل أي ذو بأس وشدة، وقرىء غير ذلك، وأوصل بعضهم ما فيه من القراءات إلى ست وعشرين، وتنكير العذاب للتفخيم والتهويل ﴿ السماء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴾ متعلق بأخذنا كالباء الأولى ولا ضير فيه لاختلافهما معنى أي أخذناهم بما ذكر من العذاب بسبب فسقهم المستمر، ولا مانع من أن يكون ذلك سبباً للأخذ كما كان سبباً للابتداء وكذا لا مانع من تعليله بما ذكر بعد تعليله بالظلم الذي في حيز الصلة لأن ذلك ظلم أيضاً، ولم يكتف بالأولى لما لا يخفى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾