وقال ابن عطية :
و" العتو " الاستعصاء وقلة الطواعية، وقوله :﴿ قلنا لهم ﴾ يحتمل أن يكون قولاً بلفظ من ملك أسمعهم ذلك فكان أذهب في الإغراب والهوان والإصغار، ويحتمل أن يكون عبارة عن المقدرة المكونة لهم قردة، و﴿ خاسئين ﴾ خبر بعد خبر، هذا اختيار أبي الفتح، وضعف الصفة وكذلك هو، لأن القصد ليس التشبيه بقردة مبعدات.
قال القاضي أبو محمد : ويجوز أن يكون ﴿ خاسئين ﴾ حالاً من الضمير في ﴿ كونوا ﴾، والصفة أيضاً متوجهة مع ضعفها، وروي أن الشباب منهم مسخوا قردة والرجال الكبار مسخوا خنازير، وروي أن مسخهم كان بعد المعصية في صيد الحوت بعامين وقال ابن الكلبي إن إهلاكهم كان في زمن داود، وروي أن الناهين قسموا المدينة بينهم وبين العاصين بجدار، فلما أصحبوا ليلة أهلك العاصون لم يفتح مدينة العاصين حتى ارتفع النهار فاستراب الناهون لذلك فطلع أحد الناس على السور فرآهم ممسوخين قردة تتوالب، فصاح، فدخلوا عليهم يعرف الرجل قرابته ويعرف القرد أيضاً كذلك قرابته، وينضمون إلى قرابتهم فيتحسرون، قال الزجاج : وقال قوم : يجوز أن تكون هذه القردة من نسلهم.
قال القاضي أبو محمد : وتعلق هؤلاء بقول النبي ﷺ : إن أمة من الأمم فقدت وما أراها إلا الفأر إذا قرب لها لبن لم تشرب، وبقوله ﷺ في الضب، وقصص هذا الأمر أكثر من هذا لكن اختصرته واقتصرت على عيونه. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ ﴾
أي فلما تجاوزوا في معصية الله.
﴿ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ يقال : خسأته فخسأ ؛ أي باعدته وطردته.
وقد تقدّم في "البقرة".
ودلّ على أن المعاصي سبب النقمة : وهذا لا خفاء به فقيل : قال لهم ذلك بكلام يُسمع، فكانوا كذلك.
وقيل : المعنى كوّناهم قردة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon