وقال ابن عطية :
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ ﴾
بنية تأذن هي التي تقتضي التكسب من أذن أي علم ومكن وآذن أي أعلم مثل كرم وأكرم وتكرم إلا أن تعلم وما جرى مجرى هذا الفعل إذا كان مسنداً إلى اسم الله عز وجل لم يلحقه معنى التكسب الذي يلحق المحدثين، فإنما يترتب بمعنى علم صفة لا بتكسب بل هي قائمة بالذات وإلى هذا المعنى ينحو الشاعر بقوله :
تعلم أبيت اللعن... لأنه لم يأمره بالتعلم الذي يقتضي جهالة وإنما أراد أن يوقفه على قوة علمه، ومنه قول زهير :
تعلم إن شر الناس حي... ينادي في شعارهم يسار
فمعنى هذه الآية وإذ علم الله ليبعثن عليهم، ويقتضي قوة الكلام أن ذلك العلم منه مقترن بإنفاذ وإمضاء، كما تقول في أمر قد عزمت عليه غاية العزم علم الله لأفعلن كذا، نحا إليه أبو علي الفارسي، وقال الطبري وغيره ﴿ تأذن ﴾ معناه أعلم وهو قلق من جهة التصريف إذ نسبة ﴿ تأذن ﴾ إلى الفاعل غير نسبة أعلم، وتبين ذلك من التعدي وغيره، وقال مجاهد :﴿ تأذن ﴾ معناه قال، وروي عنه أن معناه أمر، وقالت فرقة : معنى ﴿ تأذن ﴾ تألى.
قال القاضي أبو محمد : وقادهم إلى هذا القول دخول اللام في الجواب، وأما اللفظة فبعيدة عن هذا، والضمير في ﴿ عليهم ﴾ لمن بقي من بني إسرائيل لا للضمير في " لهم ". وقوله :﴿ من يسومهم ﴾ قال سعيد بن جبير هي إشارة إلى العذاب، وقال ابن عباس هي إلى محمد ﷺ وأمته.