وقال مالك بن دينار رحمه الله : يأتي على الناس زمان إن قصروا عما أمروا به قالوا : سيغفر لنا لن نشرك بالله شيئاً كل أمرهم على الطمع خيارهم فيه المداهنة فهؤلاء من هذه الأمة أشباه الذين ذكرهم الله تعالى وتلا الآية انتهى، وهو على طريقة المعتزلة وقوله :﴿ إلا الحقّ ﴾ دليل على أنهم كانوا يقولون الباطل على تناولهم عرض الدنيا ﴿ ودرسوا ﴾ معطوف على قوله ﴿ ألم يؤخذ ﴾ وفي ذلك أعظم توبيخ وتقريع وهو أنهم كرّروا على ما في الكتاب وعرفوا ما فيه المعرفة التامة من الوعيد على قول الباطل والافتراء على الله وهذا العطف على التقرير لأنّ معناه قد أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا ما فيه كقوله ﴿ ألم نربك فينا وليداً ﴾ وليثبت معناه قد ربّيناك ولبثت، وقال الطبري وغيره : هو معطوف على قوله ﴿ ورثوا الكتاب ﴾ وفيه بعد، وقيل هو على إضمار قد أي قد ﴿ درسوا ما فيه ﴾ وكونه معطوفاً على التقرير هو الظاهر لأن فيه معنى إقامة الحجة عليهم في أخذ ميثاق الكتاب بكونهم حفظوا لفظه وكرّروه وما نسوه وفهموا معناه وهم مع ذلك لا يقولون إلا الباطل، وقرأ الجحدري ﴿ أن لا تقولوا ﴾ بتاء الخطاب، وقرأ علي والسلمي : وادّارسوا وأصله وتدارسوا كقوله ﴿ فادارأتم ﴾ أي تدارأتم وقد مر تقريره في العربية، وهذه القراءة توضح أن معنى ﴿ ودرسوا ما فيه ﴾ هو التكرار لقراءته والوقوف عليه وأنّ تأويل من تأوّل ﴿ ودرسوا ما فيه ﴾ أن معناه ومحوه بترك العمل والفهم له من قولهم درست بالريح الآثار إذا محتها فيه بعد ولو كان كما قيل لقيل ربع مدروس وخط مدروس، وإنما قالوا : ربع دارس وخط دارس بمعنى داثر.
﴿ والدار الاخرة خير للذين يتقون أفلا يعقلون ﴾.