وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ أو تقولوا ﴾ يعني الذرية ﴿ إنما أشرك آباؤنا من قبل ﴾ يعني إنما أخذ المثاق عليهم لئلا يقول المشركون إنما أشرك آباؤنا من قبل ﴿ وكنا ذرية من بعدهم ﴾ يعني وكنا أتباعاً لهم فاقتدينا بهم في الشرك ﴿ أفتهلكنا ﴾ يعني أفتعذبنا ﴿ بما فعل المبطلون ﴾ قال المفسرون : هذا قطع لعذر الكفار فلا يستطيع أحد من الذرية أن يقول يوم القيامة إنما أشرك آباؤنا من قبلنا ونقضوا العهد والميثاق وكنا نحن الذرية من بعدهم فقلدناهم واقتدينا بهم وكنا في غفلة عن هذا الميثاق فلا ذنب لنا فلا يمكنهم أن يحتجوا بمثل ذلك وقد أخذ عليهم جميعاً الميثاق وجاءتهم الرسل وذكروهم به وثبتت الحجة عليهم بذلك يوم القيامة، وأما الذين حملوا معنى الآية على أن المراد منه مجرد نصب الدلائل وهو مذهب أهل النظر قالوا معناه إن الله نصب هذه الدلائل وأظهرها للعقول لئلا يقولوا إنما أشركنا على سبيل التقليد لآبائنا لأن نصب أدلة التوحيد قائم معهم فلا عذر لهم في الإعراض عنه والإقبال على تقليد الآباء في الشرك. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ﴾.
المعنى أن الكفرة لو لم يؤخذ عليهم عهد ولا جاءهم رسول مذكر بما تضمنه العهد من توحيد الله وعبادته لكانت لهم حجتان إحداهما : كنا غافلين والأخرى : كنا أتباعاً لأسلافنا فكيف نهلك والذنب إنما هو لمن طرّق لنا وأضلّنا فوقعت الشهادة لتنقطع عنهم الحجج، وقرأ أبو عمرو إن يقولوا بالياء على الغيبة وباقي السبعة بالتاء على الخطاب.
﴿ أفتهلكنا بما فعل المبطلون ﴾.
هذا من تمام القول الثاني أي كانوا السبب في شركنا لتأسيسهم الشرك وتقدمهم فيه وتركه سنة لنا والمعنى أنه تعالى أزال عنهم الاحتجاج بتركيب العقول فيهم وتذكيرهم ببعثة الرسل إليهم فقطع بذلك أعذارهم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon