واعترض بأن أهل الآخرة يعرفون كثيراً من أحوال الدينا كما نطقت بذلك الآيات والأخبار اللهم إلا أن يقال : إن ذلك خصوصية الدار، وقالوا ثانياً : إن تلك الذرية المأخوذة من ظهر آدم عليه السلام لا بد أن يكون لكل واحد منها قدر من البنية حتى يحصل فيه العلم والفهم فمجموعها لا تحويه عرصة الدنيا فيمتنع حصوله في ظهر آدم ليؤخذ ثم يرد، وأجيب بأنه مبني على كون الحياة مشروطة بالبنية المخصوصة كما هو مذهب الخصوم، والبرهان قائم على بطلانه كما تقرر في الكلام، فجوز أن يخلق الله تعالى الحياة في جوهر فرد، وتلك الذرية المخرجة كانت كالذر وهو قريب من الجوهر، وكون المجموع لا تحويه عرصة الدنيا غير مسلم، وإن كان الأخذ في السماء قبل هبوط آدم عليه السلام فالدائرة واسعة، وإن كان إذ كان العرش على الماء فالدائرة أوسع، ولا مانع إذا كان في الأرض أن يكون اجتماع الذر متراكماً بينها وبين السماء وإنه لفضاء عظيم وإن صغرت قاعدته، وإن اعتبر أن الإنسان عبارة عن النفس الناطقة وأنها جوهر غير متحيز ولا حال فيه لم يحتج إلى الفضاء إلا أن فيه ما فه، وقالوا ثالثاً : إنه لا فائدة ف أخذ الميثاق لأنهم لا يصيرون بسببه مستحقين للثواب والعقاب على أنهم أدون حالاً من الأطفال والطفل لا يتوجه عليه التكليف فكيف يتوجه على الذر.