وقال القاسمى :
﴿ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [ ١٧٣ ].
﴿ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا ﴾ أي : سنوا الإشراك واخترعوه :﴿ مِن قَبْلُ ﴾ أي : من
قبل زماننا :﴿ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ﴾ أي : فنشأنا على طريقتهم، احتجاجاً بالتقليد، وتعويلاً عليه، فقد قطعنا العذر بما بيّنا من الآيات.
﴿ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ أي : أتؤاخذنا بما فعل آباؤنا من الشرك، وأسسوا من الباطل، أو بفعل آبائنا الذي أبطلوا تأثير والعقول، وأقوال الرسل ؟ والإستفهام للإنكار، أي : أنت حكيم لا تأخذ الأبناء بفعل الآباء، وقد سلكنا طريقهم والحجة عليهم بما شعروا لنا من الباطل.
والمعنى : أزلنا الشبهتين بأن الإقرار بالربوبية والتوحيد، هو في أصل فطرتكم، فلم لم ترجعوا إليه عند دعوة العقول والرسل ؟ والفطرة أكبر دليل، فهي تسد باب الإعتذار بوجه ما، لا سيما والتقليد عند قيام الدلائل، والقدرة على الإستدلال بها، مما لا مساغ له أصلاً.
تنبيهات :
الأول : وافق الإمام ابن كثير، في هذا المقام أيضاً الجشمي في تفسيره، قال : ويروي أصحاب الحديث أسلافهم من الآثار موقوفة ومرفوعة، ويجعلون ذلك تأويلاً للآية، وهو أنه تعالى مسح ظهر آدم، فأخرج منه ذريته، أمثال الذر، فقال : ألست بربكم ؟ فقالوا : بلى طائعين، ثم أعادهم في صلب آدم. وإن تأويل الآية على ذلك.
قال : وقد ذكر مشايخنا رحمهم الله أن ذلك فاسد، وأن ظاهر الآية يخالف ذلك، وذكروا في الرواية ما نذكره.
قالوا : فمما يدل على فساده وجوه :
منها : أنه لو كان حال كما ذكروا، لذكرناه، لأن مثل ذلك الأمر العظيم لا ينساه العاقل، خصوصاً إذا كان أشهاداً عليه، ليعمل به.