ومنها : ما ذكره شيخنا أبو علي، أن ظهر آدم لا يسع هذا الجمع العظيم، وهذا شنيع من الكلام.
ومنها : أنه ذكر أنه خلقنا من نطفة، وكل ولد ولد من أب ومن نطفة، فلو خلقهم ابتداء لا من شيء، لم يصح ذلك.
ومنها : أن الجزء الواحد، لا يجوز أن يكون حياً عاقلاً، لأن تلك البنية، لا تحمل الحياة، فلا بد من أن يكون مؤلفاً من أجزاء، وحينئذ لا يصح أن يكون الجميع في ظهر آدم.
ومنها : أنه يفتح باب التناسخ، والقول بالرجعة، لأن لهم أن يقولوا : إذا جاز الإعادة ثمة، لم ينكر التناسخ.
ومنها : أنه لا بد أن يكون فيه فائدة، وفائدته أن يذكره ليجري على تلك الطريقة، وإذا لم يذكره بطلت فائدته.
ومنها : أن الإعتراف لا يصح إلا وقد تقدم حال لهم عرفوا
ذلك، فكيف يصح في ابتداء الخلق، إلى غير ذلك مما لا يقبله العقل.
ثم قال : قال مشايخنا رحمهم الله : والآية ظاهرها بخلاف قولهم من وجوه :
منها : أنه :﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ﴾ ولو يقل : من آدم. وقال :﴿ مِن ظُهُورِهِمْ ﴾ ولم يقل : من ظهره، وقال :﴿ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ ولم يقل : ذريته.
ومنها : أنه قال :﴿ أَن تَقُولُواْ ﴾ يعني فعل ذلك، لكيلا تقولوا :﴿ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ وأي غفلة أعظم من أن جميع العقلاء لا يذكرون شيئاً من ذلك.
ومنها : أنه قال :﴿ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا ﴾ ولم يكن لهم يومئذ أب مشرك.
وكل ذلك يبين فساد ما قالوا، ولم يصحح أحد من مشايخنا هذه الرواية، ولا قبلها، بل ردها، غير أبي بكر أحمد بن علي، فإنه جوز ذلك من غير قطع على صحته، غير أنه قال : ليس ذلك بتأويل الآية، وذكر أن فائدة ذلك أن يجروا على الأعراق الكريمة في شكر النعمة، والإقرار بالربوبية.
كما قال : إنهم ولدوا على الفطرة، قال : وأخرجهم كالذر ثم ألهمهم حتى قالوا بلى. انتهى ما قاله الجشمي.


الصفحة التالية
Icon