وأخرج ابن عبد البر في التمهيد من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله تعالى ﴿ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم ﴾ قالوا : لما أخرج الله آدم من الجنة قبل تهبيطه من السماء، مسح صفحة ظهره اليمنى فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر، فقال لهم : ادخلوا الجنة برحمتي. ومسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر، فقال : ادخلوا النار ولا أبالي. فذلك قوله : أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، ثم أخذ منهم الميثاق فقال ﴿ ألست بربكم قالوا بلى ﴾ فأعطاه طائفة طائعين وطائفة كارهين على وجه التقية، فقال : هو والملائكة ﴿ شهدنا أن يقولوا يوم القيامة إنَّا كنا عن هذا غافلين، أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل ﴾ قالوا : فليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف الله أنه ربه، وذلك قوله عز وجل ﴿ وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً ﴾ [ آل عمران : ٨٣ ] وذلك قوله ﴿ فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ﴾ [ الأنعام : ١٤٩ ] يعني يوم أخذ الميثاق.
وأخرج ابن جرير عن أبي محمد رجل من أهل المدينة قال : سألت عمر بن الخطاب عن قوله ﴿ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم ﴾ قال : سألت رسول الله ﷺ كما سألتني فقال " خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه، ثم أجلسه فمسح ظهره بيده اليمنى فأخرج ذراً، فقال : ذرء ذرأتهم للجنة، ثم مسح ظهره بيده الأخرى - وكلتا يديه يمين - فقال : ذرء ذرأتهم للنار يعملون فيما شئت من عمل، ثم اختم لهم بأسوأ أعمالهم فأدخلهم النار ".


الصفحة التالية
Icon