وقال السمرقندى :
﴿ واتل عَلَيْهِمْ ﴾
أَيُّ إِن لَّمْ يرجعوا بذكر الميثاق ولم يتوبوا فاتل عَلَيْهِمْ ﴿ نَبَأَ الذى ءاتيناه ﴾ أي خبر الذي أعطيناه ﴿ ءاياتنا ﴾ يعني : أكرمناه باسم الله الأعظم.
ويقال :﴿ واتل عَلَيْهِمْ ﴾ يعني : الكتاب وهي علم التوراة وغيره ﴿ فانسلخ مِنْهَا ﴾ يعني : خرج منها كما تنسلخ الحية من جلدها.
ويقال : تهاون بها ولم يعرف حقها، ولا حرمتها، وخرج منها ﴿ فَأَتْبَعَهُ الشيطان ﴾ يقول : غرّه الشيطان ﴿ فَكَانَ مِنَ الغاوين ﴾ أي فصار من الظالمين وفي الضالين.
قال بعضهم : هو بلعم بن باعوراء كان عابداً من عباد بني إسرائيل، وكان مستجاب الدعوة، فنزع الله تعالى الإيمان عنه بدعاء موسى عليه السلام، وذلك أن موسى عليه السلام قاتل فرعوناً من الفراعنة فجمع ذلك الفرعون الكهنة والسحرة، فقال لهم : أعينوني على هؤلاء يعني : قوم موسى فقالوا : لن تستطيعهم، ولكن بجوارك رجل منهم فلو بعثت إليه واستعنت به، فبعث الملك إلى بلعم فلم يجبه، فبعث الملك إلى امرأة بلعم الهدايا وطلب منها بأن تأمره بأن يجيب الملك، فجاءته امرأته وقالت : نحن في جوار هذا الملك فلا بد لك من إجابته.
فأجابهم إلى ذلك، وركب أتاناً له، وخرج إليهم فسار حتى إذا كان في بعض الطريق وقفت أتانه فضربها، فلما ألح عليها كلّمته الأتان وقالت : انظر إلى ما بين يديك فنظر فإذا هو جبريل قال له : خرجت مخرجاً ما كان ينبغي لك أن تخرج.
فإذا خرجت فقل حقاً قال : فلما قدم عليه أمر له بالذهب والفضة والخدم والفرش فقبل.
فقال له : قد دعوتك لتدعو لي على هذا العسكر دعوة.
قال : غداً.
فلما تلاقى القوم قال بلعم : إن بني إسرائيل أمة موسى ملعون من لعنهم ومبارك من بارك عليهم.
فقالوا له : ما زدتنا إلا خبالاً.
قال بلعم : ما استطعت غير ما رأيت.