أما التأويل الأول : فضعيف لأنه حمل قوله :﴿مَن يَهْدِ الله﴾ على الهداية في الآخرة إلى الجنة وقوله :﴿فَهُوَ المهتدى﴾ على الاهتداء إلى الحق في الدنيا، وذلك يوجب ركاكة في النظم، بل يجب أن تكون الهداية والاهتداء راجعين إلى شيء واحد، حتى يكون الكلام حسن النظم.
وأما الثاني : فإنه التزام لإضمار زائد، وهو خلاف اللفظ، ولو جاز فتح باب أمثال هذه الإضمارات لانقلب النفي إثباتاً والإثبات نفياً، ويخرج كلام الله عز وجل من أن يكون حجة، فإن لكل أحد أن يضمر في الآية ما يشاء، وحينئذ يخرج الكل عن الإفادة.
وأما الثالث : فضعيف لأن قول القائل فلان هدى فلاناً لا يفيد في اللغة ألبتة أنه وصفه بكونه مهتدياً، وقياس هذا على قوله فلان ضلل فلاناً وكفره، قياس في اللغة وأنه في نهاية الفساد والرابع : أيضاً باطل لأن كل ما في مقدور الله تعالى من الألطاف، فقد فعله عند المعتزلة في حق جميع الكفار، فحمل الآية على هذا التأويل بعيد، والله أعلم.
المسألة الثانية :
قوله :﴿فَهُوَ المهتدى﴾ يجوز إثبات الياء فيه على الأصل، ويجوز حذفها طلباً للتخفيف كما قيل في بيت الكتاب :
فطرت بمنصلي في يعملات.. دوامي الأيد يخبطن السريحا
ومن أبياته أيضاً :
كخوف ريش حمامة نجدية.. مسحت بماء البين عطف الأثمد
قال أبو الفتح الموصلي يريد كخواف محذوف الياء.
وأما قوله :﴿وَمَن يُضْلِلِ﴾ يريد ومن يضلله الله ويخذله ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون﴾ أي خسروا الدنيا والآخرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٤٨ ـ ٤٩﴾


الصفحة التالية
Icon