قال القاضي أبو محمد : وصواب هذا أن يقال إلى كفار أهل الكتاب لأنه لم يكن منهم منافق إنما كانوا مجاهرين، وفي هذه القصة روايات كثيرة اختصرتها لتعذر صحتها واقتصرت منها على ما يخص ألفاظ الآية، وقالت فرقة : المشار إليه في الآية رجل كان قد أعطي ثلاث دعوات مستجابات فترك أن يدعو بها في مصالح العباد فدعا بواحدة أن ترجع امرأته أجمل النساء، فكان ذلك، فلما رأت نفسها كذلك أبغضته واحتقرته فدعا عليها ثانية فمسخت كلبة، فشفع لها بنوها عنده فانصرفت إلى حالها فذهب الدعوات، وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي المشار إليه في الآية أمية بن أبي الصلت، وكان قد أوتي علماً، وروي أنه جاء يريد الإسلام فوصل إلى بدر بعد الوقعة بيوم أو نحوه فقال من قتل هؤلاء؟ فقيل محمد ﷺ، فقال : لا حاجة لي بدين من قتل هؤلاء، فارتد ورجع، وقال : الآن حلت لي الخمر، وكان قد حرمها على نفسه، فمر حتى لحق بقوم من ملوك حمير فنادمهم حتى مات، و﴿ انسلخ ﴾ عبارة عن البراءة منها والانفصال والبعد كالسلخ من الثياب، والجلد و﴿ أتبعه ﴾ صيره تابعاً كذا قال الطبري إما لضلالة رسمها له وإما لنفسه، وقرأ الجمهور " فأتبعه " بقطع الألف وسكون التاء، وهي راجحة لأنها تتضمن أنه لحقه وصار معه، وكذلك ﴿ فأتبعه شهاب ﴾ [ الحجر : ١٨ ] و﴿ فأتبعهم فرعون ﴾ [ يونس : ٩٠ ] وقرأ الحسن فيما روى عنه هارون " فاتّبعه " بصلة الألف وشد التاء وكذلك طلحة بن مصرف بخلاف، وكذلك الخلاف عن الحسن على معنى لازمه " اتبعه " بالإغواء حتى أغواه، و﴿ من الغاوين ﴾ أي من الضالين. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon