فدعا موسى أن ينزع الله عنه الاسم الأعظم ؛ فسلخه الله ما كان عليه، وقال أبو حامد في آخر كتاب منهاج العارفين له : وسمعت بعض العارفين يقول إن بعض الأنبياء سأل الله تعالى عن أمر بلعام وطرده بعد تلك الآيات والكرامات، فقال الله تعالى : لم يشكرني يوماً من الأيام على ما أعطيته، ولو شكرني على ذلك مَرّة لما سلبته.
وقال عكرمة : كان بلعام نبياً وأوتي كتاباً.
وقال مجاهد : إنه أوتي النبوّة ؛ فرشاه قومه على أن يسكت ففعل وتركهم على ما هم عليه.
قال الماوردِيّ : وهذا غير صحيح ؛ لأن الله تعالى لا يصطفي لنبوّته إلا من علم أنه لا يخرج عن طاعته إلى معصيته.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وزيد بن أسلم : نزلت في أميّة بن أبي الصَّلْت الثَّقفِيّ، وكان قد قرأ الكتب وعلم أن الله مرسِل رسولاً في ذلك الوقت، وتمنى أن يكون هو ذلك الرسول، فلما أرسل الله محمداً ﷺ حسده وكفر به.
وهو الذي قال فيه رسول الله ﷺ :" آمن شِعْره وَكَفر قلبه " وقال سعيد بن المُسَيِّب : نزلت في أبي عامر بن صَيْفي، وكان يلبس المُسُوح في الجاهلية ؛ فكفر بالنبيّ صلى الله عليه وسلم.
وذلك أنه دخل على النبيّ ﷺ المدينة فقال : يا محمد، ما هذا الذي جئت به؟ قال :" جئتُ بالحنيفيّة دينِ إبراهيم " قال : فإني عليها.
فقال النبيّ ﷺ :" لستَ عليها لأنك أدخلت فيها ما ليس منها " فقال أبو عامر : أمات الله الكاذب منا طريداً وحيداً.
فقال النبيّ ﷺ :" نعم أمات الله الكاذب منا كذلك " وإنما قال هذا يُعَرّض برسول الله ﷺ حيث خرج من مكة.
فخرج أبو عامر إلى الشام ومَرّ إلى قَيْصر وكتب إلى المنافقين : استعدوا فإني آتيكم من عند قَيْصر بجند لنُخرج محمداً من المدينة ؛ فمات بالشام وحيداً.


الصفحة التالية
Icon