فصل
قال الفخر :
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قال ابن عباس وابن مسعود ومجاهد رحمهم الله : نزلت هذه الآية في بلعم بن باعوراء، وذلك لأن موسى عليه السلام قصد بلده الذي هو فيه، وغزا أهله وكانوا كفاراً، فطلبوا منه أن يدعو على موسى عليه السلام وقومه، وكان مجاب الدعوة، وعنده اسم الله الأعظم فامتنع منه، فما زالوا يطلبونه منه حتى دعا عليه فاستجيب له ووقع موسى وبنو إسرائيل في التيه بدعائه، فقال موسى : يا رب بأي ذنب وقعنا في التيه.
فقال : بدعاء بلعم.
فقال : كما سمعت دعاءه علي، فاسمع دعائي عليه، ثم دعا موسى عليه أن ينزع منه اسم الله الأعظم والإيمان، فسلخه الله مما كان عليه ونزع منه المعرفة.
فخرجت من صدره كحمامة بيضاء فهذه قصته.
ويقال أيضاً : إنه كان نبياً من أنبياء الله، فلما دعا عليه موسى انتزع الله منه الإيمان وصار كافراً. (١)
وقال عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم، وأبو روق : نزلت هذه الآية في أمية بن أبي الصلت، وكان قد قرأ الكتب، وعلم أن الله مرسل رسولاً في ذلك الوقت، ورجا أن يكون هو، فلما أرسل الله محمداً عليه الصلاة والسلام حسده، ثم مات كافراً، ولم يؤمن بالنبي ﷺ، وهو الذي قال فيه النبي ﷺ :" آمن شعره وكفر قلبه " يريد أن شعره كشعر المؤمنين، وذلك أنه يوحد الله في شعره، ويذكر دلائل توحيده من خلق السموات والأرض، وأحوال الآخرة، والجنة والنار.
________
(١) لا يخفى ما فى هذا الكلام من البعد البعيد.
كيف يرتد نبى من الأنبياء عن الإيمان، وأين هذا الكلام من قوله تعالى ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾. والله أعلم.