عن كعب بن مالك الأنصاري قال : قال رسول الله ( ﷺ ) " ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والسرف لدينه " أخرجه الترمذي ثم ضرب الله مثلاً لهذا الرجل الذي أتاه آياته فانسلخ منها واتبع هواه فقال تعالى ﴿ فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ﴾ يقال لهث الكلب يلهث إذا أدلع لسانه من العطش وشدة الحر وعند الإعياء والتعب وهذا مثل ضربه الله لمن أتاه آياته وحكمته فتركها وعدل عنها واتبع هواه وترك آخرته وآثر دنياه بأخس الحيوانات وهو الكلب في أخس أحواله وهو اللهث لأن الكلب في حال لهثه لا يقدر على نفع نفسه ولا ضرها كذلك العالم الذي يتبع هواه لا يقدر على نفع نفسه ولا ضرها في الآخرة لأن التمثيل به على أن يلهث على كل حال إن حملته عليه أو تركته كان لاهثاً وذلك عادة منه وطبيعة وهي مواظبته على اللهث دائماً فكذلك من أتاه الله العلم والدين وأغناه عن التعرض لحطام الدنيا الخسيسة، ثم إنه مال إليها وطلبها كانت حالته كحال الكلب اللاهث وقيل : إن العالم إذا توصل بعلمه إلى طلب الدنيا فإنه يظهر علومه عند أهلها ويدعل لسانه في تقرير تلك العلوم وبيانها وذلك لأجل ما يحصل عنده من حرارة الحرص الشديد وشدة العطش إلى الفوز بمطلوبه من الدينا فكانت حالته شبيهة بحالة الكلب الذي أدعل لسانه من اللهث في غير حاجة ولا ضرورة.


الصفحة التالية
Icon