وَلَيْسَ الْعَجَبُ مِنْهُ ؛ إنَّمَا الْعَجَبُ مِنْ الطُّوسِيِّ أَنْ يَقُولَ : وَقَدْ عَدَّدَ بَعْضُ حُفَّاظِ الْمُغْرِبِ الْأَسْمَاءَ فَوَجَدَهَا ثَمَانِينَ حَسْبَمَا نَقَلَهُ إلَيْهِ طَرِيدٌ طَرِيفٌ ببورقة الْحُمَيْدِيِّ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَامِدٍ بِجَهْلِهِ بِالصِّنَاعَةِ، أَمَا إنَّهُ كَانَ فَصِيحًا ذَرِبَ الْقَوْلِ، ذَرِبَ اللِّسَانِ فِي الِاسْتِرْسَالِ عَلَى الْكَلِمَاتِ الصَّائِبَةِ، لَكِنَّ الْقَانُونَ كَانَ عَنْهُ نَائِيًا، وَالْعَالَمُ عِنْدَنَا اسْمٌ، كَزَيْدٍ اسْمٌ، وَأَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُودِ، وَالْآخَرُ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُودِ وَمَعْنَى مَعَهُ زَائِدٌ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي يُعَضِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ وَعُلَمَاءَ الْإِسْلَامِ حِينَ عَدَّدُوا الْأَسْمَاءَ ذَكَرُوا الْمُشْتَقَّ وَالْمُضَافَ وَالْمُطْلَقَ فِي مَسَاقٍ وَاحِدٍ إجْرَاءً عَلَى الْأَصْلِ، وَنَبْذًا لِلْقَاعِدَةِ النَّحْوِيَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :" قَوْله تَعَالَى ﴿ الْحُسْنَى ﴾ وَفِي وَصْفِهَا بِذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : مَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى التَّعْظِيمِ ؛ فَكُلُّ مَعْنًى مُعَظَّمٍ يُسَمَّى بِهِ سُبْحَانَهُ.
الثَّانِي : مَا وُعِدَ عَلَيْهَا مِنْ الثَّوَابِ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ.
الثَّالِثُ : مَا مَالَتْ إلَيْهِ الْقُلُوبُ مِنْ الْكَرَمِ وَالرَّحْمَةِ.
الرَّابِعُ : أَنَّ حَسْبَهَا شَرَفُ الْعِلْمِ بِهَا، فَإِنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ بِشَرَفِ الْمَعْلُومِ، وَالْبَارِي أَشْرَفُ الْمَعْلُومَاتِ ؛ فَالْعِلْمُ بِأَسْمَائِهِ أَشْرَفُ الْعُلُومِ.