وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ ﴾
أي فيما جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم.
والوقف على "يَتَفَكَّرُوا" حسن.
ثم قال :﴿ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ ﴾ ردّ لقولهم :﴿ يا أيها الذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذكر إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾ [ الحجر : ٦ ].
وقيل : نزلت بسبب أن رسول الله ﷺ قام ليلة على الصّفا يدعو قريشاً، فخِذا فخذاً ؛ فيقول :"يا بني فلان".
يحذرهم بأس الله وعقابه.
فقال قائلهم : إن صاحبهم هذا لمجنون، بات يصوّت حتى الصباح. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله سبحانه وتعالى :﴿ أولم يتفكروا ما بصاحبهم ﴾
يعني محمداً ( ﷺ ) ﴿ من جنة ﴾ يعني من جنون قال قتادة ذكر لنا أن نبي الله ( ﷺ ) قام على الصفا ليلاً فجعل يدعو قريشاً فخذاً فخذاً " يا بني فلان يا بني فلان إني لكم نذير مبين " وكان يحذرهم بأس الله ووقائعه فقال قائلهم : إن صاحبكم هذا لمجنون بات يصوّت إلى الصباح فأنزل الله :﴿ أولم يتفكروا ﴾ والتفكر التأمل وإعمال الخاطر في عاقبة الأمر والمعنى أو لم يتفكروا فيعلموا ما بصاحبهم يعني محمداً ( ﷺ ) من جِنة والجنة.
حالة من الجنون وإدخال لفظة من في قوله من جنة يوجب أن لا يكون به نوع من أنواع الجنون وإنما نسبوه إلى الجنون وهو بريء منه لأنهم رأوا أنه ( ﷺ ) خالفهم في الأقوال والأفعال لأنه كان معرضاً عن الدنيا ولذاتها مقبلاً على الآخرة ونعيمها مشتغلاً بالدعاء إلى الله وإنذارهم بأسه ونقمته ليلاً ونهاراً من غير ملال ولا ضجر فعند ذلك نسبوه إلى الجنون فبرأه الله سبحانه وتعالى من الجنون فقال تعالى :﴿ إن هو ﴾ يعني ما هو ﴿ إلا نذير مبين ﴾. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon