وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء ﴾ الآية،
هذا أيضاً توبيخ للكفار وتقرير، والنظر هنا بالقلب عبرة وفكراً، و﴿ ملكوت ﴾ بناء عظمة ومبالغة، وقوله :﴿ وما خلق الله من شيء ﴾ لفظ يعم جميع ما ينظر فيه ويستدل به من الصنعة الدالة على الصانع ومن نفس الإنس وحواسه ومواضع رزقه، و" الشيء " واقع على الموجودات، وقوله :﴿ وإن عسى ﴾ عطف على قوله :﴿ في ملكوت ﴾ و﴿ أن ﴾ الثاني في موضع رفع ب ﴿ عسى ﴾، والمعنى توقيفهم على أن لم يقع لهم نظر في شيء من هذا ولا في أنه قربت آجالهم فماتوا ففات أوان الاستدارك ووجب عليهم المحذور، ثم وقفهم بأي حديث أو أمر يقع إيمانهم وتصديقهم إذا لم يقع بأمر فيه نجاتهم ودخولهم الجنة، ونحو هذا المعنى قول الشاعر :[ الطويل ]
وعن أي نفس بعد نفسي أقاتل... والضمير في قوله :﴿ بعده ﴾ يراد به القرآن، وقيل المراد به محمد ﷺ وقصته وأمره أجمع، وقيل هو عائد على الأجل بعد الأجل إذ لا عمل بعد الموت. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
ثم حثهم على النظر المؤدي إلى العلم فقال :﴿ أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض ﴾ ليستدلوا على أن لها صانعاً مدبراً ؛ وقد سبق بيان الملكوت في سورة [ الأنعام : ٧٥ ].
قوله تعالى :﴿ وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم ﴾ قرأ ابن مسعود، وأبيٌّ والجحدري :"آجالهم".
ومعنى الآية : أولم ينظروا في الملكوت وفيما خلق الله من الأشياء كلِّها، وفي أنْ عسى أن تكون آجالهم قد قربت فيهلِكوا على الكفر، ويصيروا إلى النار ﴿ فبأي حديث بعده يؤمنون ﴾ يعني القرآن وما فيه من البيان. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon