وقال ابن عطية :
﴿ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾
هذا شرط وجواب مضمنه اليأس منهم والمقت لهم لأن المراد أن هذا قد نزل بهم وأنهم مثال لهذا، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر والحسن وأبو جعفر والأعرج وشيبة وأبو عبد الرحمن وقتادة " ونذرُهم " بالنون ورفع الراء وكذلك عاصم في رواية أبي بكر، وروى عنه حفص و" يذرُهم " بالياء والرفع، وقرأها أهل مكة وهذا على إضمار مبتدأ ونحن نذرهم أو على قطع الفعل واستئناف القول، وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو فيما ذكر أبو حاتم بالياء والجزم، وقرأها كذلك طلحة بن مصرف والأعمش " ويذرْهم " بالياء والجزم عطفاً على موضع الفاء وما بعدها من قوله ﴿ فلا هادي له ﴾ لأنه موضع جزم، ومثله قول أبي داود :[ الوافر ]
فأبلوني بليتكم لعلي... أصالحكم واستدرج بويا
ومنه قول الآخر :[ الكامل ]
أنّى سلكت فإنني لك كاشح... وعلى انتقاصك في الحياة وأزدد
قال أبو علي ومثله في الحمل على الموضع قوله تعالى :﴿ لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ﴾ [ المنافقون : ١٠ ] لأنك لو لم تلحق الفاء لقلت أصدق، وروى خارجة عن نافع " ونذرْهم " بالنون والجزم، و" الطغيان " الإفراط في الشيء وكأنه مستعمل في غير الصلاح، و" العمه " الحيرة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
ثم ذكر سبب إعراضهم عن الإيمان، فقال :﴿ من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر :"ونذرهم" بالنون والرفع.
وقرأ أبو عمرو : بالياء والرفع.
وقرأ حمزة، والكسائي :"ويذرْهُم" بالياء مع الجزم خفيفة.
فمن قرأ بالرفع، استأنف، ومن جزم "ويذرْهم" عطفَ على موضع الفاء.
قال سيبويه : وموضعها جزْم ؛ فالمعنى : من يضلل الله يَذَرْه ؛ وقد سبق في سورة [ البقرة : ١٥ ] معنى الطغيان والعَمَه. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon