وقال القرطبى :
﴿ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦) ﴾
بيّن أن إعراضهم لأن الله أضلّهم.
وهذا ردّ على القدرية.
﴿ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ ﴾ بالرفع على الاستئناف.
وقرىء بالجزم حملاً على موضع الفاء وما بعدها.
﴿ يَعْمَهُونَ ﴾ أي يتحيّرون.
وقيل : يتردّدون.
وقد مضى في أوّل "البقرة" مستوفى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
ثم ذكر علة إعراضهم عن الإيمان فقال سبحانه وتعالى :﴿ من يضلل الله فلا هادي له ﴾ يعني أن إعراض هؤلاء عن الإيمان لإضلال الله إياهم فلو هداهم لآمنوا ﴿ ويذرهم في طغيانهم يعمهون ﴾ يعني ويتركهم في ضلالتهم وتماديهم في الكفر يترددون متحيرين لا يهتدون سبيلاً. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ من يضلل الله فلا هادي له ﴾.
نفى نفياً عامّاً أن يكون هاد لمن أضله الله فتضمن اليأس من إيمانهم والمقت بهم.
﴿ ويذرهم في طغيانهم يعمهون ﴾.
قرأ الحسن وقتادة وأبو عبد الرحمن وأبو جعفر والأعرج وشيبة والحرميان وابن عامر ونذرهم بالنون ورفع الراء وأبو عمرو وعاصم بالياء ورفع الراء وهو استئناف إخبار قطع الفعل أو أضمر قبله ونحن فيكون جملة اسمية، وقرأ ابن مصرّف والأعمش والأخوان وأبو عمرو فيما ذكر أبو حاتم بالياء والجزم وروى خارجة عن نافع بالنون والجزم وخرج سكون الراء على وجهين أحدهما أنه سكن لتوالي الحركات كقراءة ﴿ وما يشعركم ﴾ وينصركم فهو مرفوع والآخر أنه مجزوم عطفاً على محل فلا هادي له فإنه في موضع جزم فصار مثل قوله ﴿ فهو خير لكم ﴾ ونكفر في قراءة من قرأ بالجزم في راء ونكفر.
ومثل قول الشاعر :
أنّى سلكت فإنني لك كاشح...
وعلى انتقاصك في الحياة وازدد. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾