وقال آخر :
وإذا يقال أتيتُم لم يبرحوا...
حتى تُقيم الخيلُ سُوقَ طِعانِ
وقيل :" يقيمون " يديمون، وأقامه أي أدامه ؛ وإلى هذا المعنى أشار عمر بقوله : من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضَيّعها فهو لما سواها أضيع.
الخامسة : إقامة الصلاة معروفة ؛ وهي سنة عند الجمهور، وأنه لا إعادة على تاركها.
وعند الأوزاعي وعطاء ومجاهد وابن أبي ليلى هي واجبة وعلى من تركها الإعادة ؛ وبه قال أهل الظاهر، وروي عن مالك، واختاره ابن العربي قال : لأن في حديث الأعرابي :" وأقم " فأمره بالإقامة كما أمره بالتكبير والاستقبال والوضوء.
قال : فأما أنتم الآن وقد وقفتم على الحديث فقد تعيّن عليكم أن تقولوا بإحدى روايتي مالك الموافقة للحديث وهي أن الإقامة فرض.
قال ابن عبد البر قوله ﷺ :" وتحريمها التكبير " دليل على أنه لم يَدخل في الصلاة من لم يُحْرِم، فما كان قبل الإحرام فحكمه ألا تعاد منه الصلاة إلا أن يجمعوا على شيء فيسلم للاجماع كالطهارة والقبلة والوقت ونحو ذلك.
وقال بعض علمائنا : مَن تركها عمداً أعاد الصلاة، وليس ذلك لوجوبها إذ لو كان ذلك لاستوى سهوها وعمدها، وإنما ذلك للاستخفاف بالسنن، والله أعلم.
فائدة :
واختلف العلماء فيمن سمع الإقامة هل يُسرع أوْ لا ؟ فذهب الأكثر إلى أنه لا يسرع وإن خاف فوت الركعة لقوله عليه السلام :" إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تَسعَون وأتوها تمشون وعليكم السكِينة فما أدركتم فصَلُّوا وما فاتكم فأتِمُّوا " رواه أبو هريرة أخرجه مسلم.
وعنه أيضاً قال قال رسول الله ﷺ :" إذا ثُوّب بالصلاة فلا يَسْعَ إليها أحدكم ولكن لِيمْشِ وعليه السَّكِينة والوقار صَلِّ ما أدركت واقض ما سبقك " وهذا نص.
ومن جهة المعنى أنه إذا أسرع انبهر فشوّش عليه دخوله في الصلاة وقراءتها وخشوعها.
وذهب جماعة من السلف منهم ابن عمر وابن مسعود على اختلاف عنه أنه إذا خاف فواتها أسرع.


الصفحة التالية
Icon