والأصل في هذه الجملة حديث أبي هريرة في الرجل الذي علّمه النبيّ ﷺ لما أخَلَّ بها، فقال له :" إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة ثم كبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " خرّجه مسلم.
ومثله حديث : رفاعة بن رافع، أخرجه الدّارقُطْنِي وغيره.
قال علماؤنا : فبيّن قوله ﷺ أركان الصلاة، وسكت عن الإقامة ورفع اليدين وعن حدّ القراءة وعن تكبير الانتقالات، وعن التسبيح في الركوع والسجود، وعن الجلسة الوسطى، وعن التشهد وعن الجلسة الأخيرة وعن السلام.
أما الإقامة وتعيين الفاتحة فقد مضى الكلام فيهما.
وأما رفع اليدين فليس بواجب عند جماعة العلماء وعامة الفقهاء ؛ لحديث أبي هريرة وحديث رفاعة بن رافع.
وقال داود وبعض أصحابه بوجوب ذلك عند تكبيرة الإحرام.
وقال بعض أصحابه : الرفع عند الإحرام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع واجب، وإنّ من لم يرفع يديه فصلاته باطلة ؛ وهو قول الحميدي، ورواية عن الأوزاعي.
واحتجوا بقوله عليه السلام :" صلُّوا كما رأيتموني أصلي " أخرجه البخاري.
قالوا : فوجب علينا أن نفعل كما رأيناه يفعل ؛ لأنه المبلِّغ عن الله مرادَه.
وأما التكبير ما عدا تكبيرة الإحرام فمسنون عند الجمهور للحديث المذكور.
وكان ابن قاسم صاحب مالك يقول : من أسقط من التكبير في الصلاة ثلاث تكبيرات فما فوقها سجد للسهو قبل السلام، وإن لم يسجد بطلت صلاته ؛ وإن نسي تكبيرة واحدة أو اثنتين سجد أيضاً للسهو، فإن لم يفعل فلا شيء عليه ؛ وروي عنه أن التكبيرة الواحدة لا سهو على من سها فيها.
وهذا يدل على أن عُظْم التكبير وجملته عنده فرض، وأن اليسير منه متجاوز عنه.