أما المعتزلة فقد احتجوا بالكتاب والسنة والمعنى : أما الكتاب فوجوه : أحدها : قوله تعالى :﴿وَمِمَّا رزقناهم يُنفِقُونَ﴾ مدحهم على الإنفاق مما رزقهم الله تعالى، فلو كان الحرام رزقاً لوجب أن يستحقوا المدح إذا أنفقوا من الحرام، وذلك باطل بالاتفاق.
وثانيها : لو كان الحرام رزقاً لجاز أن ينفق الغاصب منه، لقوله تعالى :﴿وَأَنفِقُواْ مِمَّا رزقناكم﴾ [ البقرة : ٢٥٤ ] وأجمع المسلون على أنه لا يجوز للغاصب أن ينفق مما أخذه بل يجب عليه رده، فدل على أن الحرام لا يكون رزقاً.
وثالثها : قوله تعالى :﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا أَنزَلَ الله لَكُمْ مّن رّزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ ءآللَّهِ أَذِنَ لَكُمْ﴾ [ يونس : ٥٩ ] فبين أن من حرم رزق الله فهو مفتر على الله، فثبت أن الحرام لا يكون رزقاً، وأما السنة فما رواه أبو الحسين في كتاب ( الغرر ) بإسناده عن صفوان بن أمية قال :
كنا عند رسول الله ﷺ إذ جاءه عمرو بن قرة فقال له يا رسول الله إن الله كتب على الشقوة فلا أراني أرزق إلا من دفي بكفي فأئذن لي في الغناء من غير فاحشة فقال عليه السلام :" لا إذن لك ولا كرامة ولا نعمة كذبت أي عدو الله لقد رزقك الله رزقاً طيباً فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه مكان ما أحل الله لك من حلاله أما إنك لو قلت بعد هذه المقدمة شيئاً ضربتك ضرباً وجيعا " وأما المعنى فإن الله تعالى منع المكلف من الانتفاع بالحرام وأمر غيره بمنعه منه والانتفاع به، من منع من أخذ الشيء والانتفاع به لا يقال إنه رزقه إياه، ألا ترى أنه لا يقال.