التأويل الأول : ما ذكره القفال فقال : إنه تعالى ذكر هذه القصة على تمثيل ضرب المثل وبيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين في جهلهم، وقولهم بالشرك، وتقرير هذا الكلام كأنه تعالى يقول : هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها إنساناً يساويه في الإنسانية، فلما تغشى الزوج زوجته وظهر الحمل، دعا الزوج والزوجة ربهما لئن آتيتنا ولداً صالحاً سوياً لنكونن من الشاكرين لآلائك ونعمائك.
فلما آتاهما الله ولداً صالحاً سوياً، جعل الزوج والزوجة لله شركاء فيما آتاهما، لأنهم تارة ينسبون ذلك الولد إلى الطبائع كما هو قول الطبائعيين، وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين، وتارة إلى الأصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام.
ثم قال تعالى :﴿فتعالى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي تنزه الله عن ذلك الشرك، وهذا جواب في غاية الصحة والسداد.
التأويل الثاني : بأن يكون الخطاب لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله ﷺ، وهم آل قصي، والمراد من قوله : هو الذى خلقكم من نفس قصي وَجعل من جنسها زوجها عربية قرشية ليسكن إليها، فلما آتاهما ما طلبا من الولد الصالح السوي جعلا له شركاء فيما آتاهما حيث سميا أولادهما الأربعة بعبد مناف، وعبد العزى، وعبد قصي، وعبد اللات، وجعل الضمير في ﴿يُشْرِكُونَ﴾ لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك.


الصفحة التالية
Icon