قال القاضي أبو محمد : والحارث اسم إبليس، فسأخلصه لك وأجعله بشراً مثلك، وإن أنت لم تفعلي قتلته لك، قال فأخبرت حواء آدم فقال لها ذلك صاحبنا الذي أغوانا في الجنة، لا نطيعه، فلما ولدت سمياه عبد الله، فمات الغلام، ويروى أن الله سلط إبليس على قتله فحملت بآخر ففعل بها مثل ذلك فحملت بالثالث فلما ولدته أطاعا إبليس فسمياه عبد الحارث حرصاً على حياته، فهذا هو الشرك الذي جعلا لله أي في التسمية فقط.
و﴿ صالحاً ﴾ قال الحسن معناه غلاماً، قال ابن عباس : وهو الأظهر بشراً سوياً سلياً، ونصبه على المفعول الثاني وفي المشكل لمكي أنه نعت لمصدر أي أتيا صالحاً، وقال قوم إن المعنى في هذه الآية التبيين عن حال الكافرين فعدد النعم التي تعم الكافرين وغيرهم من الناس، ثم قرر ذلك بفعل المشركين السيّىء فقامت عليهم الحجة ووجب العقاب، وذلك أنه قال مخاطباً لجميع الناس ﴿ هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ﴾ يريد آدم وحواء أي واستمرت حالكم واحداً كذلك، فهذه نعمة تخص كل أحد بجزء منها، ثم جاء قوله :﴿ فلما تغشاها ﴾ إلى آخر الآية وصفاً لحال الناس واحداً واحداً أي هكذا يفعلون فإذا آتاهم الله الولد صالحاً سليماً كما أراده، صرفاه عن الفطرة إلى الشرك، فهذا فعل المشركين الذي قامت الحجة فيه باقترانه مع النعة العامة، وقال الحسن بن ابي الحسن فيما حكى عنه الطبري : معنى هذه الآية :﴿ هو الذي خلقكم من نفس واحدة ﴾ إشارة إلى الروح الذي ينفخ في كل أحد.
قال القاضي أبو محمد : أي خلقكم من جنس واحد وجعل الإناث منه، ثم جاء قوله :﴿ فلما تغشاها ﴾ إلى آخر الآية وصفاً لحال الناس واحداً واحداً على ما تقدم من الترتيب في القول الذي قبله. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾