وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ هو الذي خلقكم من نفس واحدة ﴾
يعني بالنفس : آدم، وبزوجها : حواء.
ومعنى :﴿ ليسكن إليها ﴾ ليأنس بها ويأوي إليها.
﴿ فلما تغشَّاها ﴾ أي : جامعها.
قال الزجاج : وهذا أحسن كناية عن الجماع.
والحمل، بفتح الحاء : ما كان في بطن، أو أخرجتْه شجرة.
والحمل، بكسر الحاء : ما يُحمل.
والمراد بالحمل الخفيف : الماء.
قوله تعالى :﴿ فمرَّتْ به ﴾ أي : استمرَّت به، قعدت وقامت ولم يُثقلها.
وقرأ سعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، وابن عباس، والضحاك :"فاستمرت به".
وقرأ أُبَيُّ بن كعب، والجوني :"استمارَّت به" بزيادة ألف.
وقرأ عبد الله ابن عمرو، والجحدري :"فمارَّت به" بألف وتشديد الراء.
وقرأ أبو العالية، وأيوب، ويحيى بن يعمر :"فَمَرَتْ به" خفيفة الراء، أي : شكّت وتمارت أحملت، أم لا؟ ﴿ فلما أثقلت ﴾ أي : صار حملها ثقيلاً.
وقال الأخفش : صارت ذا ثقل.
يقال : أثمرنا، أي : صرنا ذوي ثمر.
قوله تعالى :﴿ دعَوا الله ربهما ﴾ يعني آدم وحواء ﴿ لئن آتيتنا صالحاً ﴾ وفي المراد بالصالح قولان.
أحدهما : أنه الإنسان المشابه لهما، وخافا أن يكون بهيمة، هذا قول الأكثرين.
والثاني : أنه الغلام، قاله الحسن، وقتادة.
شرح السبب في دعائهما
ذكر أهل التفسير أن إبليس جاء حواء، فقال : ما يدريك ما في بطنكِ، لعله كلب أو خنزير أو حمار ؛ وما يدريك من أين يخرج، أيشق بطنك أم يخرج من فيك، أو من منخريك؟ فأحزنها ذلك، فدعوا الله حينئذ، فجاء إبليس : فقال : كيف تجدينك؟ قالت : ما أستطيع القيام إذا قعدت، قال : أفرأيت إن دعوت الله، فجعله إنساناً مثلك، ومثل آدم، أتسمينه باسمي؟ قالت : نعم.