قال القاضي أبو محمد : وهذا تحكم لا يساعده اللفظ، ويتجه أن يقال تعالى الله عن ذلك اليسير المتوهم من الشرك في عبودية الاسم، ويبقى الكلام في جهة أبوينا آدم وحواء عليهما السلام، وجاء الضمير في ﴿ يشركون ﴾ ضمير جمع لأن إبليس مدبر معهما تسمية الولد عبد الحارث، ومن قال إن الآية المتقدمة إنما الغرض منها تعديد النعمة في الأزواج وفي تسهيل النسل والولادة ثم ذكر سوء فعل المشركين بعقب ذلك، قال في الآية الأخيرة إنها على ذلك الأسلوب وإن قوله ﴿ فتعالى الله عما يشركون ﴾ المراد بالضمير فيه المشركين، والمعنى في هذه الآية فلما آتى الله هذين الانسانين صالحاً أي سليماً ذهبا به إلى الكفر وجعلا لله فيه شركاً وأخرجاه عن الفطرة، ولفظة الشرك تقتضي نصيبين، فالمعنى : وجعلا لله فيه ذا شرك لأن إبليس أو أصنام المشركين هي المجعولة، والأصل أن الكل لله تعالى وبهذا حل الزجاج اعتراض من قال ينبغي أن يكون الكلام " جعلا لغيره شركاً " وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر " شِرْكاً " بكسر الشين وسكون الراء على المصدر، وهي قراءة ابن عباس وأبي جعفر وشيبة وعكرمة ومجاهد وعاصم وأبان بن تغلب، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم " شركاء " على الجمع، وهي بينة على هذا التأويل الأخير وقلقه على قول من يقول : إن الآية الأولى في آدم وحواء، وفي مصحف أبيّ ابن كعب " فلما آتاهما صالحاً أشركا فيه "، وذكر الطبري في قصص حواء وآدم وإبليس في التسمية بعيد الحارث وفي صورة مخاطبتهم أشياء طويلة لا يقتضي الاختصار ذكرها.
وقرأ نافع والحسن وأبو جعفر وأبو عمرو وعاصم " عما يشركون أيشركون " بالياء من تحت فيهما، وقرأ أبو عبد الرحمن " عما تشركون " بالتاء من فوق " أتشركون ما لا يخلق " الآية. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾