وقال الآلوسى :
﴿ فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا ﴾
وهو ما سألاه أصالة من النسل أو ما طلباه أصالة واستتباعاً من الولد وولد الولد ما تناسلوا ﴿ جَعَلاَ ﴾ أي النسل الصالح السوي، وثنى الضمير باعتبار أن ذلك النسل صنفان ذكر وأنثى وقد جاء أن حواء كانت تلد في كل بطن كذلك ﴿ لَهُ ﴾ أي لله سبحانه وتعالى ﴿ شُرَكَاء ﴾ من الأصنام والأوصان ﴿ فِيمَا ءاتاهما ﴾ من الأولاد حيث أضافوا ذلك إليهم، والتعبير ﴿ بِمَا ﴾ لأن هذه الإضافة عند الولادة والأولاد إذ ذاك ملحقون بما لا يعقل.
وقيل : المراد بالموصول ما يعم سائر النعم فإن المشركين ينسبون ذلك إلى آلهتهم، ووجه العدول عن الإضمار حيث لم يقل شركاء فيه على الوجهين ظاهر، وإسناد الجعل للنسل على حد بنو تميم قتلوا فلاناً ﴿ فتعالى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ تنزيه فيه معنى التعجب، والفاء لترتيبه على ما فصل من قدرته سبحانه عز وجل وآثار نعمته الزاجرة عن الشرك الداعية إلى التوحيد، وضمير الجمع لأولئك النسل الذين جعلوا لله شركاء وفيه تغليب المذكر على المؤنث وإيذان بعظم شركهم، والمراد بذلك إما التسمية أو مطلق الإشراك، و﴿ مَا ﴾ إما مصدرية أي عن إشراكهم أو موصولة أو موصوفة أي عما يشركون به تعالى، وهذه الآية عندي من المشكلات ؛ وللعلماء فيها كلام طويل ونزاع عريض وما ذكرناه هو الذي يشير إليه كلام الجبائي وهو مما لا بأس به بعد إغضاء العين عن مخالفته للمرويات سوى تثنية الضمير تارة وجمعه أخرى مع كون المرجع مفرداً لفظاً ولم نجد ذلك في الفصيح.