فصل


قال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الساعة ﴾ السائلون : هم اليهود.
وقيل : قريش.
والساعة : القيامة.
وهي من الأسماء الغالبة، وإطلاقها على القيامة لوقوعها بغتة أو لسرعة حسابها.
و﴿ أيان ﴾ ظرف زمان مبني على الفتح.
قال الراجز :
أيان تقضي حاجتي أيانا... أما ترى لنجحها أوانا
ومعناه معنى متى، واشتقاقه من أيّ.
وقيل من أين.
وقرأ السلمي "إيان" بكسر الهمزة وهو في موضع رفع على الخبر.
و﴿ مرساها ﴾ المبتدأ عند سيبويه.
و﴿ مرساها ﴾ بضم الميم، أي وقت إرسائها من أرساها الله، أي أثبتها، وبفتح الميم من رست، أي ثبتت، ومنه :﴿ وَقُدُورٍ راسيات ﴾ [ سبأ : ١٣ ]، ومنه رسا الجبل.
والمعنى : متى يرسيها الله، أي يثبتها ويوقعها.
وظاهر ﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الساعة ﴾ أن السؤال عن نفس الساعة، وظاهر ﴿ أَيَّانَ مرساها ﴾ أن السؤال عن وقتها، فحصل من الجميع أن السؤال المذكور هو عن الساعة.
باعتبار وقوعها في الوقت المعين لذلك، ثم أمره الله سبحانه بأن يجيب عنهم بقوله :﴿ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي ﴾ أي : علمها باعتبار وقوعها عند الله، لا يعلمها غيره ولا يهتدي إليها سواه ﴿ لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ﴾ أي : لا يظهرها لوقتها، ولا يكشف عنها إلا الله سبحانه.
والتجلية : إظهار الشيء، يقال جلى لي فلان الخبر : إذا أظهره وأوضحه، وفي استئثار الله سبحانه بعلم الساعة حكمة عظيمة، وتدبير بليغ كسائر الأشياء التي أخفاها الله واستأثر بعلمها.
وهذه الجملة مقررة لمضمون التي قبلها.
قوله :﴿ ثَقُلَتْ فِى السموات والأرض ﴾ قيل معنى ذلك : أنه لما خفي علمها على أهل السموات والأرض كانت ثقيلة، لأن كل ما خفي علمه ثقيل على القلوب.
وقيل المعنى : لا تطيقها السموات والأرض لعظمها، لأن السماء تنشق، والنجوم تتناثر، والبحار تنضب.
وقيل : عظم وصفها عليهم.
وقيل : ثقلت المسألة عنها.


الصفحة التالية
Icon