وهذه الجملة مقرّرة لمضمون ما قبلها أيضاً.
﴿ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً ﴾ إلا فجأة على غفلة.
والبغتة مصدر في موضع الحال.
وهذه الجملة كالتي قبلها في التقرير.
قوله :﴿ يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ﴾.
قال ابن فارس : الحفيّ العالم بالشيء، والحفي المستقصى في السؤال، ومنه قول الأعشى :
فإن تسألي عني فيارب سائل... حفيّ عن الأعشى به حيث أصعدا
يقال أحفى في المسألة وفي الطلب فهو محف، وحفيّ على التكثير مثل مخصب وخصيب.
والمعنى : يسألونك عن الساعة كأنك عالم بها، أو كأنك مستقص للسؤال عنها ومستكثر منه.
والجملة التشبيهية في محل نصب على الحال، أي : يسألونك مشبهاً حالك حال من هو حفيّ عنها.
وقيل المعنى : يسألونك عنها كأنك حفيّ بهم، أي حفيّ ببرهم وفرح بسؤالهم.
والأوّل : هو معنى النظم القرآني على مقتضى المسلك العربي.
قوله :﴿ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي ﴾ أمره الله سبحانه بأن يكرّر ما أجاب به عليهم سابقاً لتقرير الحكم وتأكيده.
وقيل : ليس بتكرير، بل أحدهما معناه الاستئثار بوقوعها، والآخر الاستئثار بكنهها نفسها ﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ باستئثار الله بهذا، وعدم علم خلقه به، لم يعلمه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل.


الصفحة التالية
Icon