ونذير لقوم، وقيل : هو متعلق ببشير، والمتعلق بنذير محذوف، أي نذير لقوم يكفرون، وبشير لقوم يؤمنون.
قوله :﴿ هُوَ الذى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة ﴾ هذا كلام مبتدأ يتضمن ذكر نعم الله على عباده وعدم مكافأتهم لها، مما يجب من الشكر والاعتراف بالعبودية، وأنه المنفرد بالإلهية.
قال جمهور المفسرين : المراد بالنفس الواحدة.
آدم، وقوله :﴿ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ معطوف على ﴿ خَلَقَكُمْ ﴾ أي : هو الذي خلقكم من نفس آدم، وجعل من هذه النفس زوجها، وهي حواء، خلقها من ضلع من أضلاعه.
وقيل المعنى ﴿ جَعَلَ مِنْهَا ﴾ من جنسها، كما في قوله :﴿ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾ [ النحل : ٧٢ ] والأوّل : أولى.
﴿ لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ علة للجعل، أي جعله منها لأجل ﴿ يسكن إليها ﴾ يأنس إليها.
ويطمئن بها، فإن الجنس بجنسه أسكن وإليه آنس.
وكان هذا في الجنة، كما وردت بذلك الأخبار.
ثم ابتدأ سبحانه بحالة أخرى كانت بينهما في الدنيا بعد هبوطهما، فقال :﴿ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا ﴾، والتغشي كناية عن الوقاع، أي فلما جامعها ﴿ حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا ﴾ علقت به بعد الجماع، ووصفه بالخفة لأنه عند إلقاء النطفة أخفّ منه عند كونه علقة، وعند كونه علقة أخفّ منه عند كونه مضغة، وعند كونه مضغة أخفّ مما بعده.
وقيل : إنه خفّ عليها هذا الحمل من ابتدائه إلى انتهائه، ولم تجد منه ثقلاً.
كما تجده الحوامل من النساء، لقوله :﴿ فَمَرَّتْ بِهِ ﴾ أي : استمرت بذلك الحمل تقوم وتقعد، وتمضى في حوائجها لا تجد به ثقلاً، والوجه الأوّل، لقوله :﴿ فَلَمَّا أَثْقَلَت ﴾ فإن معناه : فلما صارت ذات ثقل لكبر الولد في بطنها.
وقرىء "فمرت به" بالتخفيف، أي فجزعت لذلك، وقرىء "فمارت به" من المور، وهو المجيء والذهاب.
وقيل المعنى : فاستمرّت به.
وقد رويت قراءة التخفيف عن ابن عباس، ويحيى بن يعمر.


الصفحة التالية
Icon