فصل


قال الفخر :
ثم قال :﴿وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الهدى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ﴾
واعلم أنه تعالى لما أثبت بالآية المتقدمة أنه لا قدرة لهذه الأصنام على أمر من الأمور، بين بهذه الآية أنه لا علم لها بشيء من الأشياء، والمعنى أن هذا المعبود الذي يعبده المشركون معلوم من حاله أنه كما لا ينفع ولا يضر، فكذا لا يصح فيه إذا دعى إلى الخير الأتباع.
ولا يفصل حال من يخاطبه ممن يسكت عنه، ثم قوى هذا الكلام بقوله :﴿سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صامتون﴾ وهذا مثل قوله :
﴿سَوَاء عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ﴾ [ البقرة : ٦ ] وذكرنا ما فيه من المباحث في تلك الآية إلا أن الفرق في تلك الآية عطف الفعل على الفعل، وههنا عطف الاسم على الفعل، لأن قوله :﴿أَدَعَوْتُمُوهُمْ﴾ جملة فعلية : وقوله :﴿أَمْ أَنتُمْ صامتون﴾ جملة إسمية.
واعلم أنه ثبت أن عطف الجملة الإسمية على الفعلية لا يجوز إلا لفائدة وحكمة، وتلك الفائدة هي أن صيغة الفعل مشعرة بالتجدد والحدوث حالاً بعد حال، وصيغة الاسم مشعرة بالدوام والثبات والاستمرار.
إذا عرفت هذا فنقول : إن هؤلاء المشركين كانوا إذا وقعوا في مهم وفي معضلة تضرعوا إلى تلك الأصنام، وإذا لم تحدث تلك الواقعة بقوا ساكتين صامتين، فقيل لهم لا فرق بين إحداثكم دعاءهم وبين أن تستمروا على صمتكم وسكوتكم، فهذا هو الفائدة في هذه اللفظة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٧٤ ـ ٧٥﴾


الصفحة التالية
Icon