وجملة :﴿ سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ﴾ مؤكدة لجملة ﴿ وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم ﴾ فلذلك فُصلت.
و﴿ سواء ﴾ اسم للشيء المساوي غيره أي ليس أولى منه في المعنى المسوق له الكلام والهمزة التي بعد ﴿ سواء ﴾ يقال لها همزة التسوية، وأصلها همزة الاستفهام استعملت في التسوية، كما تقدم عند قوله تعالى :﴿ سواءً عليهم آنذرتهم أم لم تنذرهم ﴾ في سورة البقرة ( ٦ )، أي سواء دعوتُكُم إياهم وصُمتكم عن الدعوة.
و( على ) فيها للاستعلاء المجازي وهي بمعنى العندية أي : سواء عندهم.
وإنما جعل الأمران سواء على المخاطبين ولم يجعلا سواء على المدعوين فلم يقل سواء عليهم، وإن كان ذلك أيضاً سواء عليهم، لأن المقصود من الكلام هو تأييس المخاطبين من استجابة المدعوين إلى ما يدعونهم إليه لا الإخبار، وإن كان المعنيان متلازمين كما أنهما في قوله ﴿ سواء عليهم آنذرتهم أم لم تنذرهم ﴾ [ البقرة : ٦ ] متلازمان فإن الإنذار وعدمه سواء : على المشركين، وعلى المؤمنين، ولكن الغرض هنالك بيان انعدام انتفاعهم بالهدى.
وهذا هو القانون للتفرقة بين ما يصح أن يسند فيه فعل التسويه إلى جانبين وبين ما يتعين أن يسند فيه إلى جانب واحد إذا كانت التسوية لا تهُم إلا جانباً واحداً، كما في قوله تعالى:
﴿ اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواءً عليكم ﴾ [ الطور : ١٦ ] فإنه يتعين أن تجعل التسوية بالنسبة للمخاطبين، ولا يحسن أن يقال سواء علينا وكقوله :﴿ سواءً علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيصٍ ﴾ [ إبراهيم : ٢١ ] فإنه يتعين أن تكون التسوية بالنسبة إلى المتكلمين.


الصفحة التالية
Icon