ووقع قوله :﴿ أم أنتم صامتون ﴾ مُعادل أدعوتموهم مع اختلاف الاسلوب بين الجملتين بالفعلية والاسمية، فلم يقل : أم صمتم، ففي "تفسير القرطبي"، عن ثعلب : أن ذلك لأنه رأس آية ( أي لمجرد الرعاية على الفاصلة ) قال : وصامتون وصمتم عند سيبويه واحد، ( أي الفعل والوصف المشتق منه سواء ) يريد لا تفاوت بينهما في أصل المعنى، لأن ما بعد همزة التسوية لما كان في قوة المصدر لم يكن فيه أثر للفرق بين الفعل والاسم إذ التقدير : سواء عليكم دعوتُكم إياهم وصمتكم عنهم، فيكون العدول إلى الجملة الاسمية ليس له مقتض من البلاغة بل هما عند البليغ سيان، ولكن العدول إلى الاسمية من مقتضى الفصاحة، لأن الفواصل والأسجاع من أفانين الفصاحة، وفيهما تظهر براعة الكلام إذْ يكون فيه إيفاء بحق الفاصلة مع السلامة من التكلف، كما تظهر براعة الشاعر في توفيته بحق القافية إذا سلم مع ذلك من التكلف، قال المرزوقي في ديباجة "شرحه على الحماسة" "والقافية يجب أن تكون كالموعود به المنتظر يتشوقها المعنى بحقه، واللفظ بقسطه، وإلا كانت قلقة في مقرها مجتلبة لمستغن عنها".


الصفحة التالية
Icon