فصل
قال الفخر :
﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) ﴾
اعلم أنه تعالى لما بين في الآية الأولى أن الله هو الذي يتولاه، وأن الأصنام وعابديها لا يقدرون على الإيذاء والإضرار، بين في هذه الآية ما هو المنهج القويم والصراط المستقيم في معاملة الناس فقال :﴿خُذِ العفو وَأْمُرْ بالعرف﴾ قال أهل اللغة : العفو الفضل وما أتي من غير كلفة.
إذا عرفت هذا فنقول : الحقوق التي تستوفى من الناس وتؤخذ منهم، إما أن يجوز إدخال المساهلة والمسامحة فيها، وإما أن لا يجوز.
أما القسم الأول : فهو المراد بقوله :﴿خُذِ العفو﴾ ويدخل فيه ترك التشدد في كل ما يتعلق بالحقوق المالية ؛ ويدخل فيه أيضاً التخلق مع الناس بالخلق الطيب، وترك الغلظة والفظاظة كما قال تعالى :﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القلب لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ] ومن هذا الباب أن يدعو الخلق إلى الدين الحق بالرفق واللطف، كما قال تعالى :﴿وجادلهم بالتى هِىَ أَحْسَنُ﴾ [ النحل : ١٢٥ ].