وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ خُذِ العفو وَأْمُرْ بالعرف ﴾
قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني : خذ ما أعطوك من الصدقة يعني : ما فضل من الأكل والعيال، ثم نسخ بآية الزكاة وهذا كقوله تعالى :﴿ يَسْألُونَكَ عَنِ الخمر والميسر قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ ومنافع لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْألُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العفو كذلك يُبيِّنُ الله لَكُمُ الآيات لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [ البقرة : ٢١٩ ] يعني : الفضل وأمر بالمعروف يعني : ادعهم إلى التوحيد ﴿ وَأَعْرِض عَنِ الجاهلين ﴾ أي من جهل عليك مثل أبي جهل وأصحابه، وكان ذلك قبل أن يؤمر بالقتال.
ويقال :﴿ خُذِ العفو وَأْمُرْ بالعرف ﴾ يعني : اعف عمن ظلمك واعط من حرمك وصل من قطعك.
قال الفقيه أبو الليث : حدثنا عن الشعبي الخليل بن أحمد.
قال : حدثنا الديبلي.
قال : حدثنا أبو عبيد الله وحدثنا سفيان عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ خُذِ العفو وَأْمُرْ بالعرف وَأَعْرِض عَنِ الجاهلين ﴾ سأل عنها جبريل.
فقال جبريل : حتى أسأل العالم، فذهب ثم أتاه، فقال : يا محمد إن الله تعالى يأمرك أن تَصِل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عن من ظلمك.
وقال القتبي في قول النبي :ﷺ " أُوتِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ " فإن شئت أن تعرف ذلك فتدبر في هذه الآية كيف جمع له في هذا كل خلق عظيم، لأن في أخذ العفو صلة القاطعين، والصفح عن الظالمين، وإعطاء المانعين، وفي الأمر بالمعروف تقوى الله، وصلة الأرحام، وغض البصر، وفي الإعراض عن الجاهلين الحلم، وتنزيه النفس عن مماراة السفيه، وعن منازعة اللجوج، وإنما سمي المعروف معروفاً لأن كل نفس تعرفه وكل قلب يطمئن إليه. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾