وأخرج ابن مردويه عن جابر نحو ذلك ولعل زبدة الحديث مفسرة لزبدة الآية وإلا فالتطبيق مشكل كما لا يخفى وتكلف القطب لتطبيق ألفاظه على ألفاظها وفيه خفاء وعن ابن عباس المراد بالعفو ما عفى من أموال الناس أي خذ أي شيء أتوك به وكان هذا قبل فرض الزكاة وقيل : العفو ما فضل عن النفقة من المال وبذلك فسره الجوهري وإليه ذهب السدي فقد أخرج أبو الشيخ عنه أنه قال : نزلت هذه الآية فكان الرجل يمسك من ماله ما يكفيه ويتصدق بالفضل فنسخها الله تعالى بالزكاة وأمر بالمعروف أي بالمعروف المستحسن من الأفعال فإن ذلك أقرب إلى قبول الناس من غير نكير وفي لباب التأويل أن المراد وأمر بكل ما أمرك الله تعالى به وعرفته بالوحي وقال عطاء : المراد بالعرف كلمة لا إله إلا الله وهو تخصيص من غير داع وأعرض عن الجاهلين أي ولا تكافيء السفهاء بمثل سفههم ولا تمترهم واحلم عليهم وأغض بما يسوءك منهم وعن السدي أن هذا أمر بالكف عن القتال ثم نسخ بآيته ولا ضرورة إلى دعوى النسخ في الآية كما لا يخفى على المتدبر وقد ذكر غير واحد أنه ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية
وزبدتها كما قالوا تحري حسن المعاشرة مع الناس وتوخي بذل المجهود في الإحسان إليهم والمداراة منهم والإغضاء عن مساويهم وجعلوا نحو ذلك زبدة الخبر إلا أن القرآن مادته عامة ومادته خاصة وقد علم كل أناس مشربهم ولا يخفى حسن موقع هذا الأمر بعد ما عد من أباطيل المشركين وقبائحهم ما لا يطاق حمله وإذ قيل : بأن الجاهلين موضوع موضع ضمير أولئك المشركين حيث أن الكلام فيهم تسجيلا عليهم بعدم الإرعواء وإقناطا كليا منهم التأمت أطراف الكلام غاية الإلتئام. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾