وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وإخوانهم يمدونهم في الغي ﴾ الآية،
في هذه الضمائر احتمالات، قال الزجاج : هذه الآية متصلة في المعنى بقوله :﴿ ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون ﴾ [ الأعراف : ١٩٢ ].
قال القاضي أبو محمد : في هذا نظر، وقال الجمهور : إن الآية مقدرة موضعها إلا أن الضمير في قوله ﴿ وإخوانهم ﴾ عائد على الشياطين والضمير في قوله ﴿ يمدونهم ﴾ عائد على الكفار وهم المراد بالإخوان، و﴿ الشيطان ﴾ في الآية قبل هذه للجنس فلذلك عاد عليهم هاهنا ضمير جميع فالتقدير على هذا التأويل وإخوان للشياطين يمدونهم الشياطين في الغي، وقال قتادة إن الضميرين في الهاء والميم للكفار.
قال القاضي أبو محمد : فتجيء الآية على هذه معادلة للتي قبلها أي إن المتقين حالهم كذا وكذا وهؤلاء الكفار يمدهم إخوانهم من الشياطين ثم لا يقصرون، وقوله ﴿ في الغي ﴾ يحتمل أن يتعلق بقوله ﴿ يمدونهم ﴾ وعليه يترتب التأويل الذي ذكرنا أولاً عن الجمهور، ويحتمل أن يتعلق بالإخوان فعلى هذا يحتمل أن يعود الضميران جميعاً على الكفار كما ذكرناه عن قتادة ويحتمل أن يعودا جميعاً على الشياطين ويكون المعنى وإخوان الشياطين في الغي بخلاف الأخوة في الله يمدون الشياطين أي بطاعتهم لهم وقبولهم منهم، ولا يترتب هذا التأويل على أن يتعلق في الغي بالإمداد لأن الإنس لا يغوون الشياطين، والمراد بهذه الآية وصف حالة الكفار مع الشياطين كما وصف حالة المتقين معهم قبل، وقرأ جميع السبعة غير نافع " يمدونهم " من مددت، وقرأ نافع وحده " يُمدونهم " بضم الياء من أمددت، فقال أبو عبيدة وغيره : مد الشيء إذا كانت الزيادة من جنسه وأمده شيء آخر.