فصل
قال الفخر :
أما قوله :﴿والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ﴾
ففيه قولان :
القول الأول : أن المراد منه وصف الأصنام بهذه الصفات.
فإن قالوا : فهذه الأشياء قد صارت مذكورة في الآيات المتقدمة فما الفائدة في تكريرها ؟ فنقول : قال الواحدي : إنما أعيد هذا المعنى لأن الأول مذكور على جهة التقريع وهذا مذكور على جهة الفرق بين من تجوز له العبادة، وبين من لا تجوز، كأنه قيل : الإله المعبود يجب أن يكون بحيث يتولى الصالحين، وهذه الأصنام ليست كذلك فلا تكن صالحة للإلهية.
والقول الثاني : أن هذه الأحوال المذكورة صفات لهؤلاء المشركين الذين يدعون غير الله، يعني أن الكفار كانوا يخوفون رسول الله ﷺ وأصحابه فقال تعالى : إنهم لا يقدرون على شيء.
بل إنهم قد بلغوا في الجهل والحماقة إلى أنك لو دعوتهم وأظهرت أعظم أنواع الحجة والبرهان لم يسمعوا بعقولهم ذلك ألبتة.
فإن قيل : لم يتقدم ذكر المشركين، وإنما تقدم ذكر الأصنام فكيف يصح ما ذكر ؟
قلنا : قد تقدم ذكرهم في قوله تعالى :﴿قُلِ ادعوا شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ﴾ [ الأعراف : ١٩٥ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٧٧﴾